إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ. وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ (٧٦) الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ). (٧٧)
ثم يسدل الستار ويبقى البطل متربعا على عرش العفة والفضيلة والجود والإباء والحلم والصبر والتواضع والشكر ويصبح المشاهدون واثقين بأن العسر يليه اليسر ، وأن الضيق يعقبه الفرج ، وأن الله لا يضيع أجر المحسنين ، ولا يخيب أمل المتوكلين عليه.
وبانتهاء القصة تتحقق رؤيا يوسف التي رآها في صباه ؛ فالشمس والقمر رمز لأمه (*) وأبيه ، والكواكب الإحدى عشرة رمز لإخوته. كما تحققت من قبل رؤيا صاحبيه في السجن ورؤيا الملك.
وليس كل ما يراه النائم من هذا القبيل ، فمن الأحلام ما يكون أثرا للماضي الذي عاينه الرائي ، ومنها ما يكون ناتجا عن حالته الجسدية والنفسية ، ومنها ما يعبر عن آماله وتطلعاته. ولا يتمكن غير العلماء من تأويل الأحلام وحل رموزها.
وإن تلقي مثل هذه القصة عن رجل أمي ، لم يكن هو ولا قومه على علم بها ، لدليل عى أنها وحي أنزله الله إليه.
(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ. (٧٨)
وإن العقلاء والحكماء ليستنبطون العبر من قصص الأنبياء ، ويجعلونها وسيلة من وسائل التربية وهداية الناس إلى الحق والفضيلة :
(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٧٩)