ولهذا شرع الإسلام الحدود والقصاص للمحافظة على الأنفس والأعراض والأموال ولمنع الظلم والعدوان.
والقصاص أن يعاقب المعتدي عمدا على إنسان في نفسه أو أحد أعضائه ، بأن يعتدى عليه بمثل عدوانه. فإن قتله عمدا يقتل ، وإن قلع عينه تقلع عينه ، وإن جدع أنفه يجدع أنفه .. إلا أن يعفو ولي القتيل أو من وقع عليه العدوان. قال الله تعالى :
(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). (٢٣١)
والقصاص هو الذي يمنع القتل وسفك الدماء ، ويصون حق الحياة للناس ويؤدي إلى استتباب الأمن والعدل. قال الله عزوجل :
(وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). (٢٣٢)
أما الحدود فهي العقوبات المقدرة في القرآن والسنة. ومنها :
حد الزنى : وقد ذكر في كتاب الله حد الزاني غير المحصن ، أي الذي لم يتزوج بقوله سبحانه :
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). (٢٣٣)
أما المحصن وهو الذي قد وطأ في نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل فيعاقب بالرجم بالحجارة حتى الموت إذا ارتكب هذه الفاحشة. ودليل ذلك من السنة ، فقد جاء ما عز الأسلمي إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إنه قد زنى ، فأعرض عنه ، ثم جاء من شقه الآخر فقال : إنه زنى ، فأعرض عنه.
ثم جاء من شقه الآخر فقال : إنه قد زنى. فأمر به في الرابعة فأخرج إلى الحرة فرجم بالحجارة. فلما وجد مس الحجارة فر يشتد ، فلقيه رجل معه لحي جمل فضربه به وضربه الناس حتى مات. فذكروا ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم فقال : هلا تركتموه (٢٣٤)
ومع شدة هذا العقاب فإن الإسلام شدد في إثبات هذه الجريمة ، فلا تثبت إلا بالاعتراف الصريح أو بشهادة أربعة رجال على أنهم رأوا الزاني يزني أمام أعينهم. وكل من اتهم غيره بهذه الفاحشة ، ولم يثبت صدقه بشهادة أربعة رجال ، فإنه يقام عليه حد القذف وهو الجلد ثمانين ورد شهادته ،. قال تعالى :