أما تخصيص دور للعجزة فأمر غير إنساني ، وعادة غريبة عن دار الإسلام ، حيث يصبح العاجز فيها كالشجرة الكبيرة التي قطعت جذورها وقلعت من تربتها ، ووضعت في تربة غير صالحة لها ؛ فسرعان ما تموت.
وكذلك فإن العاجز في هذه الدور يشعر بالغربة وبعزوف ذويه عنه ، ويصعب عليه التكيف في مجتمعه الجديد ، ولا يمكنه تكوين صداقات جديدة ، فينزوي على نفسه ، وتسوء حاله ، حتى يأتي أجله.
وقد أمر الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالإحسان إلى الوالدين ، حتى إنه قرن ذلك بالأمر بإفراده بالعبادة في كثير من الآيات ، وأمر بالتواضع لهما والرفق بهما والصبر على أخلاقهما حين الكبر. ونهى عن كل إزعاج لهما ، وأشار إلى وجوب إسكانهما مع الابن في قوله :
(وَقَضى (٣٩) رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ (٤٠) وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ (٤١) مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً). (٤٢)
وحذر الرسول صلىاللهعليهوسلم من تضييع الكبير وعدم احترامه فقال :
ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا» (٤٣)
ووعد من يكرم الكبير بالتكريم حين يكبر :
عن أنس رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال :
«ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه» (٤٤)
ولا ينبغي للشيخ أن يتوانى في طلب العلم ، بل عليه أن يستدرك ما فاته ، ويراجع ما حصله ، ويتذكر ما نسيه.
قيل لأبي عمرو بن العلاء هل يحسن بالشيخ أن يتعلم؟
قال : إن كان يحسن به أن يعيش فإنه يحسن به أن يتعلم (٤٥)
وبالإضافة إلى هذا فإن عليه أن يقدم علومه التي حصلها وخبرته التي اكتسبها وحكمته التي أوتيها لمن يخلفه من بعده ، حتى لا يذهب العلم بموت العلماء.