يكون الطالب في المرحلة الثانوية والجامعية في فرع لا يميل إليه ، وليست لديه القدرة على تحصيل الدروس المقررة فيه : فمثل هذا يؤدي إلى ضياع المال والوقت والجهد ، وتنشأ عنه خسارة كبيرة.
وإذا كنا عاجزين عن توفير التربية الرفيعة لكل أبناء الأمة ، فمن الأفضل اختيار من يستجيب لها أكثر من غيره. ومن غير الجائز أن تستوعب المدرسة أعدادا كبيرة لا تتمكن من الإشراف عليها ، ولا تستطيع توجيهها وقياس قدراتها وتنميتها.
وما مصير الذين أبعدوا عن المدارس ، وحرموا من التربية فيها؟ هل يتركون للعبث والفوضى في الشوارع والحدائق والملاعب والملاهي ...؟
لا ، وإنما يجب أن يعهد بتربيتهم إلى مؤسسات ومعاهد خاصة ، تتناسب مناهجها مع ميولهم واستعداداتهم. أو يجب أن يكلفوا بأعمال تناسبهم وتنفع أمتهم.
ولا بأس في توفير عمل مناسب للكبار الذين يكملون تعليمهم ، ليحصلوا على دخل يكفيهم. فالعمل ينشط الجسم ، ويشحذ الذهن ، ويقوي الشخصية. وهو أسلوب هام من أساليب التربية. والتربية النظرية وحدها تجعل الإنسان خاملا والجسم ضعيفا ، والعقل كالا ، وتؤدي إلى الضجر والملل. ولذا يجب ألا تزيد ساعات التدريس النظري عن حد معين في اليوم. وأن يدرب الطلاب على القيام بالخدمات التي يحتاجون إليها ، وإصلاح الأدوات التي يستخدمونها. وأن تتاح لهم الأعمال المناسبة لاختصاصهم ، مما يجعلهم يعتمدون على أنفسهم ، ويسهمون في تقدم أمتهم قال الله تعالى :
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). (١٣)