أيضا أسلحة فتاكة تعرض البشرية للفناء ، وعجزت عن النهوض بالجانب الاجتماعي والروحي للناس ، فبقي المرء يعيش في عزلة عن غيره ، وبقي المجتمع متفككا ، يعاني من سلب الأموال وسفك الدماء ، وانتهاك الأعراض ، ولم يذق الإنسان طعم السعادة ؛ فانصرف إلى تناول الخمر والمسكرات والمخدرات ، وأصبح يئن مما أصابته به تلك الحضارة المادية من أمراض نفسية وعصبية وعقلية وجسمية ، وأقدم على الانتحار ليضع حدا لبؤسه وشقائه.
أما المناهج المستمدة من القرآن والسنة فإنها تصلح للفرد والجماعة ، وتتلاءم مع فطرة الإنسان ، وتحقق سعادته ، وتشمل كيانه كله ، وتنهض بكل جانب من جوانبه الجسمية والنفسية والاجتماعية والخلقية ، وتؤدي إلى التقدم والتفوق على أمم الأرض كلها.
ولتحقيق ذلك يجب إعداد معلمين ومدرسين يربون تلاميذهم وطلابهم وفق هذا المنهج ، يخلصون في عملهم ، ويبذلون أقصى جهودهم للنهوض بأمتهم. ويجب إقصاء من يعمل في حقل التربية ، ولا توجد لديه الرغبة في هذا العمل الخطير ، أو لا يوجد لديه الاستعداد للقيام بهذا العمل الجليل. ويجب إنصاف هؤلاء المربين ، وجعلهم في مستوى لا يقل عن مستوى الأطباء والمهندسين وكبار الموظفين. فالذي يهذب النفوس ، وينمي العقول ، ويصنع الأبطال ، أعظم من الذي يداوي الأجسام وينشئ الأبنية والمصانع. ولو لا المعلم ما تخرج طبيب ولا مهندس ، ولا وجد عالم أو مخترع. وكلما زادت الأموال التي ننفقها في مجال التربية ، زاد المردود الذي يعود على الفرد والأمة بالنفع العظيم. فالتربية هي الأساس في كل إصلاح وهي السبب في كل تقدم.
ولإنجاز ذلك يجب اختيار الطالب على أسس نفسية وعلمية سليمة ؛ فزيادة طلاب الصف عن عدد معين يمنع من تأثرهم بالتربية بالشكل المثمر. ووجود طلاب في الصف لا يستطيعون فهم دروسهم ولا يبذلون جهدا لتعلمها ، يعرقل تعلم الأذكياء والمجتهدين.
ولا يجوز أن يبقى بين الطلاب من يزعجهم بالثرثرة والحركات الطائشة ، ولا أن يقبل في المدارس من يتعمد تكسير ما فيها من المقاعد والأدوات ، ولا يحافظ على النظافة والهدوء ، ولا ينصاع للنظام ، ولا يحترم المربين.
وإذا أصبح التعليم الابتدائي إلزاميا للتلاميذ الأسوياء في عقولهم وحواسهم ، فلا ينبغي أن يقبل في المرحلة الإعدادية من لم يتقن القراءة والكتابة! ولا يناسب أن