تشمل التعليم العام في فرع الآداب أو العلوم ، والتعليم الشرعي والمهني في الصناعة أو التجارة أو الزراعة ، وغير ذلك مما يطول شرحه. وينتقل الطالب الذي حصل على شهادة الدراسة الثانوية إلى المعاهد المتوسطة أو كليات الجامعة بأقسامها العديدة ، ويقضي نحو سنتين في الأولى وأربع سنين في الأخرى. ثم يكمل تخصصه في الدراسة الجامعية العليا خلال مثل ذلك من السنين.
وبعد هذا العناء الكبير الذي يستغرق نحو نصف أو ثلث عمر الإنسان ، ويكلف الأموال الكثيرة يحق لنا أن نسأل : هل استطاعت هذه المدارس أن تحقق أهداف التربية وهل تقدم المجتمع وقضى على الفساد والجهل وسائر أسباب التخلف؟ وهل أصبح الحائز على أعلى الشهادات الجامعية مختلفا في تفكيره ونظرته إلى الوجود وسلوكه وخلقه عن الذي لم يتلق تعليما قط؟ أم إن المجتمع تتعقد مشاكله ، وتتسع عوامل فساده! والمتخرج من أرقى الجامعات لا يتميز في سلوكه وجشعه وأنانيته عن غيره!
ألسنا نعاني من الغش وعدم الإتقان لشيء ، ومن الفوضى والاضطراب ، ومن الظلم والفساد ، ومن الأثرة والجشع ، ومن الرشوة والاحتكار ومن ضياع الأمانة وانتشار الخيانة ومن الكذب ونقض العهود ، وغير ذلك من الأمراض الاجتماعية والاقتصادية ، والخلقية!
وما فائدة المدارس إن لم تكن وسيلة لرقي المجتمع ، وما قيمة العلم إذا لم يؤد إلى سمو الإنسان! وما السبيل إلى هذا؟
إن السبيل إلى إصلاح الفرد والمجتمع هو صياغة التربية وفق منهج القرآن والسنة. ولا يعني هذا الاقتصار عليهما في التعليم ، بل جعلهما أساسا في التربية ، والانطلاق مما فيهما من الأحكام والأسس. ويجب أن تكون مناهج المواد المختلفة منبثقة من منهج القرآن والسنة ، وموافقة لهما ، وملائمة للطلاب الذين يدرسونها ، وللمجتمع الذي يعيشون فيه. ولا يتمكن من وضع هذه المناهج غير العلماء المؤمنين الذي نهلوا من معين القرآن ، واقتبسوا من نوره ، فتخلصوا من رواسب المجتمعات الجاهلية ، وطرحوا الأفكار الدخيلة على هذا الدين.
ولا يحسبن أحد أن مناهج الدول الغربية التي سبقتنا في مضمار الرقي والتقدم صالحة لبلادنا ، لأن المناهج يجب أن تكون متفقة مع عقيدة الذين وضعت لهم وملائمة لواقعهم. ثم إنا لا نريد تقدما في الناحية المادية وحدها كما حدث في تلك الدول الغربية ، إذ تقدمت صناعاتها ، واخترعت أجهزة لرفاهية الإنسان ، ولكنها اخترعت