بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد :
فإن التربية عملية شاقة تشمل النفس والجسد والعقل والسلوك والروح والوجدان والأخلاق والإنسان والمجتمع والحياة برمتها ، لذا كانت بحق رسالات الأديان التي توجت بالإسلام هي رسالات تربية وإصلاح وتقدم وترق.
والتربية لا تتحدد بزمان أو مكان أو بيئة ، وإنما تحتاج إلى ممارسة ومتابعة وتعاون جميع العقلاء لإنجاح مهمتها ، حتى تتآزر جهودهم في تحقيق الغاية المرجوة منها ، لذا كانت شرائع الإسلام في العقيدة والعبادة والمعاملات دائمة متجددة ملازمة لحياة الإنسان ، تبشر وتنذر ، وترغب وتحذر.
ولا غرو في أن تظل الهداية الربانية وجهود الأنبياء والمرسلين والمصلحين هي النبراس الأول للتربية والمنار المضيء للأجيال ، والحكم الفاصل في نظريات التربية قديما وحديثا.
وما الزواجر والمواعظ المتكررة ومناهج الترغيب والترهيب المتلازمين غالبا في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، إلا عوامل ناجحة وحاسمة في تحقيق أهداف التربية الناجحة والوصول إلى الكمال المنشود ، وإعداد الفرد الصالح الملتزم بالأخلاق والقيم الصالحة كالتزامه بالعقيدة والإيمان بالله عزوجل.
وإن هذا الإنسان بأطماعه وحرصه على كسب أكبر قدر من فوائد الكون ليحتاج إلى الحد من أطماعه ، وتخفيف حدة حرصه ووضع ضوابط فعاله أمام جشعه ، ومنع استرساله بما تملي عليه قوته وجبروته ، وذلك حتى تكون المنافسة بينه وبين بني جنسه شريفة لا نزاع فيها ولا صراع ، ولا يتحقق ذلك إلا بأصول راسخة من التربية التي تضمن له السعادة والطمأنينة والاستقرار ، وتكون عاملا مهما في التوصل لتحقيق الآمال العراض في حياته ، بل لتمنحه القدرة على فهم الحياة ، وتزوده بطاقات روحانية هائلة يتغلب بها على مصاعب الدنيا ومعكرات المعيشة.