ويستغل الطاقة الحسية والطاقة المعنوية المتعلقة بالفضيلة والإيمان والقيم العليا والعدل والحق والجمال. ويقوم هذا المنهج على مقومات متينة فوق قاعدة صلبة تكفل له البقاء والسمو. ويعتمد على مبادئ وأساليب تحقق غايته بسهوله ويسر. ويصبح الجميع سائرين على طريقه في كل مراحل العمر.
ولا يقتصر هذا المنهج على دراسة القرآن والسنة ، وليس من الواجب حذف ما سواهما من الدروس ليكون المنهج إسلاميا ، بل من الواجب دراسة كل المواد والعلوم النافعة ، والاستفادة من كل البحوث والدراسات الحديثة. ولا مانع من الاستعانة بالأجهزة والمخترعات الجديدة. وإن هذا المنهج يدفع إلى الاختراع ويحث على الابتكار ما دام ذلك يستعمل لتحقيق النفع والخير العام. ولكن يجب أن تكون سائر العلوم والأبحاث متفقة مع مبادئ القرآن الكريم وأهدافه وروح الشريعة ومقاصدها ، وأن يكون القرآن مهيمنا على كل الفرضيات والنظريات ، ومصدرا لكل النظم والمناهج ، وألا نقبل ما يتعارض مع أحكامه ، حتى نضمن السلامة للبشر والسعادة للناس والهداية للعالمين.
ولقد عاش المسلمون حقبا من الزمن في ظل هذا المنهج ، فكانوا أعز الأمم وأقوى الدول ، وسبقوا العالم في العلم والحضارة.
ثم مالوا إلى حياة البذخ والترف ، وأخلدوا إلى الراحة ، ونهضت أقوام كانت متأخرة عنهم أشواطا طويلة ، بعد أن اقتبسوا من منهجهم واستفادوا من علومهم ومبادئهم. ومع أن أولئك الأقوام أصبحوا اليوم متفوقين في القوة والعلم وفي المادة والصناعة ، فإنهم متخلفون في المجال الاجتماعي والخلقي والروحي ، ولهذا لم يذق الإنسان في ظل حضارتهم طعم السعادة ، بل أصيب بالقلق والأرق ، وأصبح يعاني من الكبت والصرع ، ويئن من الأمراض الجسمية والنفسية ، ويشكو من العلل العقلية والعصبية.
وقد انعدم الأمن ، وسفكت الدماء وسلبت الأموال ، وأبيحت الحرمات وانتهكت الأعراض حتى أقدم الإنسان في تلك البلاد على الانتحار ليتخلص مما يعانيه ، وأدمن على المسكرات والمخدرات ليهرب من الواقع الذي لم يستطع أن يتكيف فيه. وأصبحت البشرية كلها معرضة للفناء بالأسلحة الفتاكة التي أنتجتها تلك الحضارة الزائفة.