وسواء أكان الكائن الحي بسيطا أو معقدا ، وبدائيا أو راقيا فلا يمكن أن يوجد بنفسه. إذ لا يمكن للمادة الميتة أن تدب فيها الحياة بدون خالق. ولقد أجرى علماء الشرق والغرب تجارب طويلة استغرقت عشرات السنين ، حاولوا فيها أن يحولوا المادة الميتة إلى أبسط أجزاء الخلية الحية فلم يستطيعوا وباؤوا بالفشل الذريع.
ولا يمكن أن يكون أصل الحياة هبط إلى الأرض من الكواكب والنجوم الأخرى ، لأن كواكب المجموعة الشمسية التي هي أقرب إلى الأرض من غيرها لم يكتشف العلماء وجود كائنات حية عليها. وهي بسبب قربها من الشمس أو بعدها عنها ، وبسبب تركيب جوها المختلف في نسبة عناصره عن جو الأرض لا تصلح للحياة الموجودة على هذا الكواكب. ولو وجدت حياة على الكواكب التابعة للشموس الأخرى فلا يمكن أن تقطع مسافات تقدر بالسنين الضوئية (٤٣) لتهبط على كوكبنا. ولو أمكن ذلك لعدنا نسأل عن سبب نشوء الحياة فيها.
وبعد انبثاق الحياة لا يمكن استمرارها وتكاثرها بالانقسام أو التوالد بدون خالق جعل فيها هذه الخاصية ، وأوجد لها ما تحتاج من عناصر للغذاء والنمو والبقاء إلى أجل مسمى.
ولترسيخ الإيمان بالخالق أمرنا بالتفكير في خلق الحيوانات ، كما أمرنا بالتفكير في خلق السموات والأرض ، وجعلها ممهدة لعيش الانسان.
(أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ. وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ. وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ). (٤٤)
وأمرنا بالتفكير في خلق أنفسنا وأصل تكويننا :
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ. يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ). (٤٥)
(أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٤٦) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٤٧) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ. فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ). (٤٨)
وأمرنا بالتفكير في أعضائنا وحواسنا :
(وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٤٩)
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٥٠) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ. يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٥١). أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ. وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ. وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (٥٢).