تعالى أن يكون هو الترجي الحقيقي ، كان هو محبوبية التحذر عند الإنذار ، وإذا ثبت محبوبيته ثبت وجوبه شرعا ، لعدم الفصل ، وعقلا لوجوبه مع وجود ما يقتضيه ، وعدم حسنه ، بل عدم إمكانه بدونه.
ثانيها : إنه لما وجب الإنذار لكونه غاية للنفر الواجب ، كما هو قضية كلمة (لو لا) التحضيضية ، وجب التحذر ، وإلّا لغى وجوبه.
______________________________________________________
ويورد على الوجه الثاني بأن إيجاب الإنذار مع عدم وجوب الحذر بإطلاقه أو اشتراطه بصورة إحراز صدق الإنذار لا يكون لغوا حيث إن وجوب الإنذار على المنذر مع عدم لزوم العمل بإنذاره مطلقا لوضوح الواقع بتراكم الإنذار ، وعلى الوجه الثالث : بأن الإنذار فعل المنذر والحذر فعل من وصل إليه الإنذار فلا يعقل أن يكون فعل المنذر واجبا غيريا ترشحيا ، بل يتعين كونه نفسيا ، غاية الأمر الداعي إلى إيجابه وجوب الغاية ، ولكن كون وجوب الغاية على الإطلاق غير ظاهر بل لعلّه مشروط بصورة العلم والوثوق بصدق الإنذار.
لا يقال : وجوب العمل بإنذار المنذر مطلق سواء حصل العلم بصدق الإنذار أم لا ، مقتضى الإطلاق وعدم تقييد مطلوبية الحذر بصورة العلم ، فإنّه يقال : لا مجرى لأصالة الإطلاق في ناحية وجوب الحذر لعدم كون الآية واردة إلّا في مقام إيجاب النفر للتفقه كفائيّا هذا أولا ، وثانيا ما يقتضي اختصاص وجوب الحذر بصورة إحراز الصدق موجود في نفس الآية بمعنى أنه لو كانت الآية في مقام البيان حتى في ناحية وجوب العمل بإنذار ، لكان وجوب الحذر مختصا بصورة إحراز صدق الإنذار ، وذلك فإن إيجاب النفر بنحو الوجوب الكفائي كما هو ظاهر الآية للتفقه وتعلم معالم الدين لإبلاغها للمتخلفين أو لإبلاغ المتخلفين إلى النافرين على الوجهين الواردين في تفسير الآية ، ويجب الحذر على المتخلّفين النافرين فيما إذا انذروا بأحكام الدين