واحتجّ للقول بوجوب الاحتياط فيما لم يقم فيه حجة بالأدلة الثلاثة [١].
أما الكتاب : فبالآيات الناهية عن القول بغير العلم ، وعن الإلقاء في التهلكة ، والآمرة بالتقوى.
والجواب : إن القول بالإباحة شرعا وبالأمن من العقوبة عقلا ، ليس قولا بغير
______________________________________________________
الاستدلال على وجوب الاحتياط في الشبهات الحكميّة
[١] يستدل على لزوم التوقف والاحتياط في الشبهة الحكمية التحريمية بل الوجوبية أيضا بالأدلة الثلاثة يعني الكتاب والأخبار وحكم العقل ، أما الكتاب فبالآيات الناهية عن القول بغير العلم (١) والناهية عن إلقاء النفس في التهلكة (٢) والآمرة بالتقوى (٣) ، ولكن لا يخفى أنه مع ثبوت الإباحة الظاهرية الطريقية في الشبهة الحكمية لا يحتمل العقاب في مخالفة الحرمة الواقعية على تقديرها التي لم يظفر بالبيان لها بعد الفحص ، ولا يكون القول بتلك الإباحة قولا بغير علم ، ولا يكون الارتكاب مع هذا الترخيص منافيا للتقوى اللازم على المكلف ، وأما التقوى في الاجتناب عن المفاسد الواقعية وعدم فوت المصالح فيما إذا كان المكلف معذورا وغير مأخوذ بالتكليف الواقعي في مواردهما فهو غير واجب على المكلف حتى باعتراف الأخباريين بالالتزام بالبراءة في الشبهات الموضوعية بل الحكمية الوجوبية ، ومما ذكر يظهر أنه لو كان المراد بالتهلكة في آية النهي عن إلقاء النفس فيها الهلاكة الدنيوية ، فلا يقتضى لزوم الاجتناب عن الشبهات الحكمية التحريمية لما تقدم من أن المفاسد التي تلاحظ في المحرمات ملاكاتها لا تكون من قبيل الهلاكة الدنيوية.
__________________
(١) كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) سورة الاسراء : الآية ٣٦.
(٢) كقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) سورة البقرة : الآية ١٩٥.
(٣) كقوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) سورة البقرة : الآية ١٩٤.