ثانيها : في بيان إمكان التعبد بالأمارة غير العلمية شرعا ، وعدم لزوم محال منه عقلا [١].
______________________________________________________
في إمكان التعبد بالأمارة
في بيان المراد من الإمكان في المقام
[١] لا ينبغي التأمل في أنّ البحث في إمكان التعبد بغير العلم من الأمارة غير العلمية وغيرها ليس بحثا عن الإمكان الذاتي في مقابل الامتناع الذاتي ، والمراد من الامتناع الذاتي أن يكون لحاظ الشيء كافيا في الجزم بامتناعه كلحاظ اجتماع النقيضين أو ارتفاعهما ، فإنّ الإمكان الذاتي للتعبد بغير العلم غير قابل للتأمل ، فإنّ لحاظه بمجرده لا يكون كافيا في الحكم بامتناعه ، وكذا ليس المراد منه مجرد الاحتمال كما في قولهم ـ على ما قيل ـ كلّ دم أمكن كونه حيضا فهو حيض ، وفي المحكي عن الشيخ الرئيس : كلما قرع سمعك من العجائب فذره في بقعة الإمكان ، حيث إن العاقل لا يعتقد بامتناع شيء وقوعا أو إمكانه كذلك بلا شاهد وبرهان ، بل المراد منه الإمكان الوقوعي ، ويكون البحث في أنّه يلزم من اعتبار أمارة غير علمية أو غير العلم ، وقوع ما هو محذور مطلقا المعبّر عنه بالممتنع ، أو ما هو محذور على الحكيم المعبّر عنه بالأمر القبيح كالأمر بارتكاب الفساد والاجتناب عن الصلاح أو التكليف بما لا يطاق ، أو لا يلزم شيء من ذلك ، وظاهر كلام الشيخ الأنصاري قدسسره أن عدم ثبوت امتناع الشيء ولزوم المحذور من وقوعه طريق عند العقلاء إلى إمكانه ، ولذا تصدى قدسسره لرفع المحاذير المتوهمة من لزوم التعبد بالظن ، واورد عليه الماتن قدسسره بما حاصله.
أنّ بناء العقلاء على الإمكان الوقوعي للشيء مع عدم ثبوت امتناعه من ترتيب آثار الإمكان ، وعلى تقدير بنائهم على الإمكان مع احتمال الامتناع فلا يصح الاعتماد