الثالث : أنّه لا يخفى أن النهي عن شيء إذا كان بمعنى طلب تركه في زمان أو مكان [١].
______________________________________________________
أقسام النهي عن الشيء
[١] قد يقال بعدم جريان البراءة في الشبهة الموضوعية ، ولا مورد فيها لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ؛ لأنّ ما على المولى بيان النهي عن الطبيعي والمفروض أنه محرز وواصل إلى المكلف ، ومع ارتكاب المشتبه لا يحرز امتثال النهي عن الطبيعي فيكون ترك المشكوك مقتضى قاعدة الاشتغال ، وذكر الماتن قدسسره أن النهي عن الطبيعي على نحوين :
النحول الأول : ما إذا تعلّق بصرف وجود الطبيعي بحيث تكون موافقته بترك جميع أفراده ، ومخالفته بارتكاب أول وجود منه ، حيث بعد تحقق أول الوجود لا يبقى نهي عنه ليكون الاجتناب عنه موافقة وارتكابه مخالفة ، عكس ما إذا تعلق الأمر بالطبيعي بمعنى طلب صرف الوجود ، فإنه بالإتيان بصرف الوجود تحصل الموافقة ، وبترك جميع أفراده تحصل المخالفة ، ولو كان النهي عن الطبيعي بهذا النحو يلزم الاجتناب عن الفرد المشكوك لاحراز ترك الطبيعي وعدم ارتكاب المنهي عنه يعنى الاتيان بصرف الوجود.
نعم ، إذا كان المكلف تاركا لصرف الوجود من قبل فيحكم بجواز ارتكاب الفرد المشتبه بالاستصحاب في ترك الطبيعي مع الاتيان به ، فإنه كما يحرز امتثال الواجب والإتيان بصرف وجوده بالأصل كما إذا جرى الاستصحاب في وضوئه ، كذلك يحرز موافقة النهي وترك الطبيعي بالأصل.
وعلى الجملة ، فالفرد المشتبه في هذا النحو من النهي عن الطبيعي خارج عن مورد أصالة البراءة ، ولو جاز تركه كما إذا كان المكلف تاركا لصرف وجود الطبيعي