لا يقال : لا يكاد يكون إيجابه مستتبعا لاستحقاقها على مخالفة التكليف المجهول ، بل على مخالفة نفسه ، كما هو قضية إيجاب غيره.
فإنه يقال : هذا إذا لم يكن إيجابه طريقيا ، وإلّا فهو موجب لاستحقاق العقوبة على المجهول ، كما هو الحال في غيره من الإيجاب والتحريم الطريقيين ، ضرورة أنه كما يصح أن يحتج بهما صح أن يحتج به ، ويقال لم أقدمت مع إيجابه؟ ويخرج به عن العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان ، كما يخرج بهما.
وقد انقدح بذلك ، أن رفع التكليف المجهول كان منّة على الأمة ، حيث كان له تعالى وضعه بما هو قضيته من إيجاب الاحتياط ، فرفعه ، فافهم.
ثم لا يخفى عدم الحاجة إلى تقدير المؤاخذة ولا غيرها من الآثار الشرعية في «ما لا يعلمون» [١].
______________________________________________________
الحديث حيث إنها لم تكن مجعولة على الامة حتى ترفع ، كما هو الحال في قوله عليهالسلام : رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق (١) ، وكأن استعمال الرفع عن الامة بلحاظ ثبوتها في الامم السابقة في الجملة كما أن الرفع عن الصبي بلحاظ ثبوته في حق البالغين من العاقلين.
مفاد حديث الرفع في ما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه
[١] قد تحصل مما تقدم أن الرفع في «ما لا يعلمون» يعم الشبهة الموضوعية والحكمية ، حيث إن الحكم الجزئي في الأول والكلّي في الثاني لا يعلم ، ويكون رفعه ظاهريا بمعنى عدم وضعه الظاهري بإيجاب الاحتياط في الواقعة بخلاف الرفع في سائر الفقرات ، فإن الرفع فيها واقعي بمعنى عدم جعل التكليف والوضع بالإضافة
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٤٥ ، الباب ٤ من أبواب مقدمة العبادات ، الحديث ١١.