علم ، لما دلّ على الإباحة من النقل وعلى البراءة من حكم العقل ، ومعهما لا مهلكة في اقتحام الشبهة أصلا ، ولا فيه مخالفة التقوى ، كما لا يخفى.
وأما الأخبار فبما دلّ على وجوب التوقف عند الشبهة معللا في بعضها بأن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في المهلكة [١].
______________________________________________________
[١] يستدل على لزوم الاجتناب عن المشتبه بالشبهة الحكمية التحريمية بالأخبار وهي على طائفتين ، إحداهما : ما ورد فيها من الأمر بالتوقف عند الشبهة ، ويدخل في هذه الطائفة أخبار التثليث كقوله عليهالسلام : «إنما الامور ثلاثة : أمر تبين لك رشده فاتبعه ، وأمر تبين لك غيّه فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه فردّه إلى الله عزوجل» (١) ، وفي خبر عمر بن حنظلة : «إنما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتّبع وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله «حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات ، وهلك من حيث لا يعلم ، [إلى أن قال] فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات» (٢) ، وقد أجاب الماتن قدسسره عن هذه الطائفة بأن الأمر بالوقوف عند الشبهة إرشاد إلى التحرز عن الهلاكة المحتملة في المشتبهات ، فيختص الإرشاد بالشبهة التي يكون فيها احتمال الهلاكة أي العقاب الاخروي ، ومع حكم العقل في الشبهة الحكمية ـ بعد الفحص وعدم العثور على البيان ـ بقبح العقاب بلا بيان ، وحكم الشرع برفع الحرمة المجهولة على تقديرها واقعا ما دام الجهل لا يحتمل الهلاكة في الشبهة البدوية التي فحص المجتهد عن الدليل على الحكم الواقعي فيها ولم يظفر بمثبت للحرمة فيها.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦٢ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٨.
(٢) المصدر السابق : ١٥٧ ، الحديث ٩.