.................................................................................................
______________________________________________________
إلى العباد بابلاغ النبي ، فمفاد الآية أن الله سبحانه لم يكن يعذّب قوما قبل وصول التكليف إليهم ، وإذا لم يكن في البين استحقاق العقاب كما يعترف به الأخباري تكون النتيجة عدم استحقاق العقاب على مخالفة تكليف لم يصل إلى العبد ، وهذا مفاد أصالة البراءة في الشبهة البدوية التحريمية والوجوبية بعد الفحص وعدم الظفر بالدليل عليه.
ولكن لا يخفى أن ظاهر الآية أنه ما لم يكن إبلاغ الرسل لم يكن عذاب ، ولا يعم وصول التكليف من طريق العقل ، فالصحيح في الرد على الأخباري أن نفي الوقوع لا يدلّ على عدم الاستحقاق.
والمتحصل أنه إذا لم يكن للآية دلالة على نفي الاستحقاق كما ذكرنا فلا يصح الاستدلال بها على البراءة في الشبهات ، وعلى تقدير الإغماض عن ذلك فلا يكون مفادها بحيث تنفي وجوب التوقف والاحتياط في الشبهات ، مستظهرا ذلك من الأخبار الواردة في الوقوف عند الشبهة والاحتياط إذا احتمل وجوب الفعل.
ومما ذكر يظهر الحال في الاستدلال على البراءة بقوله سبحان : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)(١) بناء على أن المراد من الصلة الإعلام والبيان ، فيكون مدلولها أن الله لا يكلف نفسا بتكليف إلّا تكليفا بيّنه وأعلمه ولو بقرينة ما ورد في تفسير الآية حيث أجاب الإمام عليهالسلام عن كون الناس مكلفين بالمعرفة ، قال : لا ، على الله البيان : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ،) و (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها ،)(٢) ووجه الظهور أن
__________________
(١) سورة الطلاق : الآية ٧.
(٢) الكافي ١ : ١٦٣ ، الحديث ٥.