.................................................................................................
______________________________________________________
بلا بيان.
وفيه أنه لا سبيل للعقل إلى الحكم بقبح الإقدام على ما فيه الضرر القطعي فضلا عن الإقدام على ما فيه احتماله ، بل ما يحكم به العقل بقبح الإقدام على ما فيه الضرر بمرتبة يكون ظلما وتعديا على النفس كجناية الإنسان على نفسه أو عرضه أو في ماله المؤدي إلى الجناية على أحدهما ، ويمكن أن يقال حكمه بذلك جار حتى في الاقتحام على ما لا يؤمن فيه هذه المرتبة من الضرر ، ومن الظاهر أن الملاك في حرمة المحرمات لا يكون الضرر في غالبها فضلا عن هذا الضرر ، فإن اللازم في المحرمات وجود المفسدة فيها ، والمفسدة لا تنحصر على الضرر ولا يكون حكم للعقل بقبح الإقدام على ما فيه المفسدة فضلا عن ما فيه احتمالها ، والشاهد لذلك إقدام العقلاء على ما لا يؤمن فيه المفسدة بل فيه احتمال الضرر ببعض مراتبه لبعض الدواعي ، كيف وقد أذن الشارع في الارتكاب في الشبهة الموضوعية التحريمية ولا يرخص الشارع في ارتكاب القبيح ، وما ذكر الشيخ الطوسي قدسسره في مسألة أن الأشياء على الحظر أو الإباحة من حكم العقل بقبح الإقدام على ما فيه احتمال المفسدة (١) لا يمكن المساعدة عليه كما أشرنا إليه من شهادة ديدن العقلاء وسيرتهم على خلافه.
ثم إنه قد يستدل على البراءة في الشبهات الحكمية باستصحاب البراءة وتقريره من وجهين ؛ لأنّ للأحكام المجعولة في الشريعة مرتبتين كما هو الحال في كل حكم مجعول بنحو القضية الفعلية ، مرتبة الجعل يعني الإنشاء ، ومرتبة الفعلية ،
__________________
(١) العدة في اصول الفقه ٢ : ٧٤٢ ، طبعة مؤسسة البعثة.