.................................................................................................
______________________________________________________
الحرمة أولى ، غاية الأمر الترخيص في الأول واقعي وفي الثاني ظاهري ، وقد تقدم أن كلام الماتن ظاهره كون الترخيص واقعيا ، وكذا يظهر ذلك من المحقق النائيني قدسسره ولكن يختلف ما ذكره عما ذكره الماتن ، حيث قال : ما يدفع به الاضطرار قبل دفعه كان محرما على تقدير كون المعلوم بالإجمال فيه ، ولذا يجب رعاية العلم الإجمالي في الطرف الباقي حتى بعد دفع اضطراره ، حيث لم يطرأ الاضطرار على خصوص الحرام الواقعي ، وإنما يكون اختياره لدفع اضطراره موجبا لسقوط حرمته الواقعية ، ولكن لا يخفى أن تعلق الحرمة الواقعية بفعل قبل ارتكابه وسقوطها عند اختيار ارتكابه أمر غير معقول ؛ لأنّ التكليف للزجر عن اختيار متعلقه ، وإذا جاز الفعل واقعا باختيار ارتكابه فلا يبقى معنى لتحريمه ، والحل أن اختيار شيء لدفع اضطراره إلى الجامع لا يوجب طرو الاضطرار عليه ليكون التكليف به ساقطا باختياره لدفع اضطراره ، والمتعين ما ذكرنا من عدم حكم العقل في الفرض بلزوم الموافقة القطعية ، ولا يبعد أن يجري الاستصحاب في بقاء النجس بعد رفع الاضطرار بأحدهما في هذا الفرض أيضا ، كما يأتي في الصورة الثالثة. ومما ذكرنا يظهر الحال في الصورة الثالثة : وهي ما إذا كان طرو الاضطرار إلى شرب أحد ماءين بعد العلم بنجاسة أحدهما ، فإنه عند طرو الاضطرار فالمختار لدفعه باق على حرمته الواقعية فيما إذا انطبق عليه المعلوم بالإجمال ، غايته أنه لا تجب الموافقة القطعية عقلا على ما تقدم ، بل يمكن في الفرض الالتزام بوجوب الاجتناب عن الآخر للاستصحاب في بقاء ما تنجس واقعا ، ولا يعارض بالاستصحاب في عدم وقوع النجس في الباقي لسقوطه بالمعارضة مع عدم وقوعه في المدفوع به الاضطرار قبل طرو الاضطرار إلى شرب أحدهما.