.................................................................................................
______________________________________________________
التبعية.
وقد يستدل على عدم اعتبار العلم في الشبهة غير المحصورة بالإجماع ، ولا يخفى ما فيه فإن هذه المسألة لم يتعرض لها القدماء من أصحابنا ، فكيف يمكن دعوى الإجماع على حكمها ، وعلى تقديره فلا يمكن إثبات الإجماع التعبدي لاحتمال كون مدركهم أحد الوجوه المتقدمة ، كما يستدل على عدم اعتبار العلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة ببعض الروايات ، كرواية أبي الجارود ، قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجبن فقلت له : أخبرني من رأى أنه يجعل فيه الميتة؟ فقال : أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرّم في جميع الأرضين؟! إذا علمت أنه ميتة فلا تأكله ، وإن لم تعلم فاشتر وبع وكل ، والله إني لأعترض السوق ، فأشتري بها اللحم والسمن والجبن ، والله ما أظنّ كلهم يسمون هذه البربر وهذه السودان» (١) ولا يخفى ما فيه ، فإنه يجوز ارتكاب الماخوذ في أمثال ذلك لا لكون الشبهة غير محصورة ، بل لأنه مع عدم العلم بحرمة المأخوذ بعينه تجري فيه أصالة الطهارة أو الحلية ، ويحكم بكونه مذكى ليد المسلم ؛ لأنّ غير المأخوذ محرم عليه قطعا ، فإنه إما ملك للغير أو حرام ، كما ذكرنا ذلك في بحث جوائز السلطان ، نعم إذا علم الحرام في المأخوذ ولو تدريجيا جرى عليه حكم الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي.
بقي في المقام أمر ، وهو أنه ذكر بعض أنّ كثرة أطراف الشبهة توجب كون الشبهة غير محصورة فيما إذا لم يكن المعلوم بالإجمال كثيرا ، وأما مع كثرة المعلوم بالإجمال كما إذا علم أن ثلث الأواني المنتشرة في البلد بأنها نجسة فيجري عليها
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٥ : ١١٩ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ٥.