قبلتكماه على عمل رسول الله وعهده الذي عهد فيه ، فقلتما : نعم ، وجئتماني الآن تختصمان يقول هذا : أريد نصيبي من ابن أخي ، ويقول هذا : أريد نصيبي من امرأتي ، والله لا أقضي بينكما إلاّ بذلك ».
وإنّ ما ذكرناه يكفي في الدلالة على فساد الحديث المزعوم الذي تمسّك به السخاوي ، هذا مع أنّه مخدوش سندا ، فقد عرفت أن البخاري يرويه عن محمد ابن كثير وهو العبدي وهذا مجروح كما ذكر الذهبي بترجمته ، حيث قال : « وروى أحمد ابن أبي خيثمة قال لنا : ابن معين لا تكتبوا عنه لم يكن بالثقة » (١).
وقال العسقلاني : « قال ابن معين : لم يكن بالثقة ». قال : « وقال ابن الجنيد عن ابن معين : كان في حديثه ألفاظ كامنة ضعيفة ، ثم سألت عنه فقال : لم يكن بأهل أن يكتب عنه » (٢).
وفي طريقه سفيان الثوري وقد كان يدلّس عن الضعفاء كما ذكره الذهبي وابن حجر العسقلاني (٣) وغيرهما.
بل لقد اشتهر بتدليس التسوية ، الذي قالوا بأنّه أفحش أنواع التدليس مطلقا وشرّها (٤) ، قال السّيوطي : « قال العراقي : وهو قادح فيمن تعمّد فعله ، وقال شيخ الإسلام : لا شك أنه جرح وإن وصف به الثوري والأعمش ، فلا اعتذار أنهما لا يفعلانه إلاّ في حق من يكون ثقة عندهما ضعيفا عند غيرهما » (٥). وقال القاري : « وهذا القسم من التدليس مكروه جدّا ، وفاعله مذموم عند أكثر
__________________
(١) ميزان الاعتدال ٤ / ١٨.
(٢) تهذيب التهذيب ٩ / ٣٧١.
(٣) ميزان الاعتدال ٢ / ١٦٩ ، تقريب التهذيب ١ / ٣١١.
(٤) أنظر تدريب الراوي ١ / ١٨٦ وغيره.
(٥) تدريب الراوي ١ / ١٨٦.