وفي الطريق الثاني ( مالك بن أنس ) وله قوادح عظيمة ، أعظمها : العداء لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وأهل بيته الطاهرين ، وتفصيل ذلك كلّه مذكور في ( استقصاء الإفحام ) فليرجع إليه من شاء ... هذا كلّه بالنسبة إلى سند هذا الحديث.
وأمّا متنه ودلالته فأضعف وأوهن ، وإن شئت بيان ذلك فارجع إلى كتاب ( شوارق النصوص ) ، فإن هناك ما يبهر الناظر اللبيب ، ويقضي منه العجب العجيب.
ثم إنّ بعض المتضلّعين من أهل السنة في الاختلاق والافتعال لم يكتف بجعل « الخوخة » لأبي بكر ، فأبدلها بلفظ « الباب » لتتمّ بزعمه المعارضة لحديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ... ألا ترى أنّ البخاري بعد أن روى حديث الخوخة تحت عنوان « باب الخوخة والممرّ في المسجد » من كتاب الصلاة ، عن ابن عباس. قال في كتاب المناقب : « باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم : سدّوا الأبواب إلاّ باب أبي بكر. قاله ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ».
وقد تنبّه شرّاحه إلى هذا التحريف ، فحاولوا إصلاحه فقالوا : بأنّه نقل بالمعنى ، قال ابن حجر : « وصله المصنف في الصلاة بلفظ : سدّوا عني كلّ خوخة. فكأنه ذكره بالمعنى » (١). وقال العيني : « هذا وصله البخاري في الصلاة بلفظ : سدّوا عني كل خوخة في المسجد. وهذا هنا نقل بالمعنى ، ولفظه في الصلاة في باب الخوخة والممرّ في المسجد » (٢).
__________________
(١) فتح الباري ١ / ٤٤٢.
(٢) عمدة القاري ٤ / ٢٤٥.