كتاريخ ابن جرير الطبري وغيره.
كما لا يخفى على أحد ولاية ابن عباس على البصرة من قبله ، وأخذ أهلها منه الفقه والتفسير مدة إقامته فيها ، فلا يبقى أيّ ريب في بلوغ العلم من الإمام عليهالسلام إلى أهل البصرة ، وإليك بعض الكلمات الصريحة في أخذ أهل البصرة من ابن عباس تلميذ الامام عليهالسلام ، والوالي عليها من قبله :
« المدائني عن نعيم بن حفص قال أبو بكرة : قدم ابن عباس علينا البصرة ، وما في العرب مثله جسما وعلما وبيانا وجمالا وكمالا » (١).
وقال ابن سعد : « أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي نا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن قال : أوّل من عرف بالبصرة عبد الله بن عباس ، قال : وكان مثجة كثير العلم. قال : فقرأ سورة البقرة ففسّرها آية آية » (٢).
وقال ابن حجر : « وأخرج الزبير بسند له أن ابن عباس كان يعشي الناس في رمضان ، وهو أمير البصرة ، فما ينقضي الشهر حتى يفقّههم » (٣).
فظهر أنّ الامام عليهالسلام قد انتشر علمه في جميع البلدان الإسلامية ، من مكة والمدينة والشام والبصرة وغيرها ، إلاّ أنّ ذلك لا يلزم أن يكون كلّ من أخذ منه أو بلغه علمه عليهالسلام من التابعين له والقائلين بإمامته ، كما هو واضح.
وأمّا قول ابن تيميّة : « وإنّما كان غالب علمه بالكوفة » ففيه : أنّ علم الامام عليهالسلام ـ وهو بعينه علم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كان في الكثرة
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٣٨. الاصابة ٢ / ٣٢٢. وفيه « حشما » بدل « جسما » و« ثيابا » بدل « بيانا ».
(٢) الطبقات ٢ / ٣٦٧.
(٣) الاصابة ٢ / ٣٢٥. وفيه « يغشى » بدل « يعشي ».