(٨)
مع السمهودي
في كلامه حول الحديث
وحاول علي بن عبد الله السمهودي صرف حديث أنا مدينة العلم عن مفاده الصّريح فيه ، بما يحيّر الأفهام ، فقال بعد أن أورد بعض ما يدل على أعلميّة الإمام عليهالسلام : « قلت : وهذا وأشباهه مما جاء في فضيلة علي في هذا الباب شاهد لحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ، رواه الامام أحمد في الفضائل عن علي رضياللهعنه ، والحاكم في المناقب من مستدركه ، والطبراني في معجمه الكبير ، وأبو الشيخ ابن حيان في السنة له ، وغيرهم كلّهم عن ابن عباس مرفوعا به بزيادة : فمن أتى العلم فليأت الباب.
ورواه الترمذي من حديث علي مرفوعا : انا مدينة العلم وعلي بابها ، وقال الترمذي عقب هذا : انه منكر. وكذا قال شيخه البخاري ، وقال الحاكم عقب الأول : إنه صحيح الإسناد ، أورده ابن الجوزي من الثاني في الموضوعات. وقال الحافظ أبو سعيد العلائي : الصواب أنه حسن باعتبار طرقه ، لا صحيح ولا ضعيف ، فضلا عن أن يكون موضوعا. وكذا قال الحافظ ابن حجر في فتوى له.
ولا ينافيه تفضيل أبي بكر رضياللهعنه مطلقا ، بشهادة علي وغيره بذلك له ، وشهد له بالعلم أيضا ، فقد قال علي : أبو بكر أعلمهم وأفضلهم وما اختلفوا في شيء إلاّ كان الحق معه. وعدم اشتهار علمه لعدم طول مدّته بعد الاحتياج إليه بموت النبي صلّى الله عليه وسلّم » (١).
وفي هذا الكلام نظر من وجوه :
إنّ السمهودي ـ وإن لم ينكر أصل الحديث ، بل حقّقه وأثبته عن جماعة من
__________________
(١) جواهر العقدين ـ مخطوط.