على مثل ابن حجر المكي ... وكذا الكلام في مدحه للنّووي ، فإن ما ذكرناه سابقا في ردّ كلامه يكشف عن تعصّبه ، ويعلن للملإ العلمي قصر باعه وعدم معرفته بالحديث وطرقه.
وأمّا قول ابن حجر : « وبالغ الحاكم على عادته فقال : إن الحديث صحيح » ففيه : أنّه قد سبقه يحيى بن معين ، ومحمد بن جرير الطبري ، إلى الحكم بصّحة هذا الحديث الشريف ، كما سبق بالتّفصيل ... إذن لم يكن الحاكم مبالغا في هذا القول ، على أن الحاكم ـ بالإضافة إلى تصحيح الحديث ـ يذكر الدلائل السديدة والبراهين العديدة على صحته كما لا يخفى على من راجع كلماته.
ومن هنا يظهر وجه آخر من وجوه تعصّب ابن حجر ، فهو يذكر أنّ بعض المحققين صوّب حسن الحديث ، ولا يذكر الذين نصّوا على صحتّه كيحيى بن معين والطبري ، وأما الحاكم فيصفه بالمبالغة .. فاعترافه بتحسين بعض المحققين ـ وإن كان يردّ على طعن الطاعنين كابن الجوزي ـ لكنّه في نفس الوقت محاولة لستر حقيقة راهنة لا تقبل الستر بنحو من الأنحاء ، والله العاصم عن بغي كل معاند لدود.
ويرد كلام ابن حجر ما ذكره هو في كتاب ( المنح المكية ـ شرح القصيدة الهمزية ) من تحسين حديث « أنا مدينة العلم » بكلّ صراحة ، والاستدلال به على أن الامام عليهالسلام ورث علوم القرآن عن النبي عليه وآله الصلاة والسلام ، فقد قال بشرح قول البوصيري :
« كم أبانت آياته من علوم |
|
عن حروف أبان
عنها الهجاء » |
قال ابن حجر بعد أن ذكر أقوالا عن الشافعي : « وتبعه ـ يعني الشافعي ـ العلماء على ذلك فقال واحد : ما قال صلّى الله عليه وسلّم شيئا أو قضى أو حكم