وأمّا قول البنباني : « وقد كان علي رضياللهعنه في أيام خلافتهم مشغولا بالإفادة والإفاضة ، فالذين لم يدركوا شرف الصحّبة أتوا إليه وأخذوا منه رضياللهعنه » ففيه : إنّ الامام عليهالسلام كان مشغولا بالإفادة والإفاضة وسائر شئون الإمامة والخلافة طيلة أيام حياته الكريمة الشّريفة ، ولم يكن الأخذ منه منحصرا بالذين لم يدركوا شرف الصحّبة ، بل لقد أخذ منه كبار الصحابة ، والخلفاء الثلاثة ، وأئمة التابعين ... كما عرفت وستعرف إن شاء الله ربّ العالمين ... ولقد اشتهر عن عمر قوله : « لو لا علي لهلك عمر » وقوله : « أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن » حتى صار من الأمثال ... واشتهر رجوعهم إليه حتى اعترف بذلك كبار علماء أهل السنة سلفا وخلفا :
قال ابن الأثير : « وله أخبار كثيرة نقتصر على هذا منها ، ولو ذكرنا ما سأله الصحابة مثل عمر وغيره رضي الله عنهم لأطلنا » (١).
وقال الكنجي : « ومع هذا ، فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته بتفضيل علي ، وزيادة علمه وغزارته وحدّة فهمه ووفور حكمته وحسن قضاياه وصحة فتواه ، وقد كان أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الأحكام ، ويأخذون بقوله في النقض والإبرام ، اعترافا منهم بعلمه ووفور فضله ورجاحة عقله وصحة حكمه » (٢).
وقال النووي : « وسؤال كبار الصحابة له ورجوعهم إلى فتاويه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات مشهور » (٣).
وقال شهاب الدين أحمد : « وهو كان بإجماع الصحابة مرجوعا إليه في
__________________
(١) أسد الغابة ٤ / ٢٣.
(٢) كفاية الطالب : ٢٢٣.
(٣) تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٤٦.