الموضوعات ، إفك فضيح ، لما عرفت سابقا من صحّة هذا الحديث واستفاضته وشهرته بل وتواتره ، حتى تجلّى ذلك كالشمس المنجلي عنها الغمام على رغم آناف المنكرين الطّغام ، فمن العجيب تعامي ابن تيميّة عن جميع تلك النصوص والتصريحات من كبار المحقّقين ، ومشاهير نقدة الأخبار والحديث المعتمدين!!
أليس فيمن صحّح حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » يحيى بن معين هذا الرجل الذي أذعن ابن تيميّة نفسه ـ فيمن أذعن ـ بجلالة قدره وسمّو منزلته في علم الحديث ونقده؟ بل لقد عدّه ابن تيميّة فيمن يرجع إليه في التمييز بين الصّدق والكذب حيث قال : « المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب ، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل العلم بالحديث ، كما يرجع إلى النحاة في الفرق بين لحن العرب ونحو العرب ، ويرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة ، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك ، فلكلّ علم رجال يعرفون به.
والعلماء بالحديث أجلّ هؤلاء ، وأعظم قدرا ، وأعظمهم صدقا ، وأعلاهم منزلة ، وأكثرهم دينا ، فإنهم من أعظم الناس صدقا ودينا وأمانة وعلما وخبرة بما يذكرونه من الجرح والتعديل ، مثل : مالك ، وشعبة ، وسفيان بن عيينة ، وسفيان الثوري ، ويحيى بن سعيد القطّان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الله بن المبارك ، ووكيع بن الجراح ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ابن راهويه ، ويحيى ابن معين ، وعلي بن المديني ، والبخاري ، ومسلم ، وأبي داود ، وأبي زرعة ، وأبي حاتم ، والنسائي ، والعجلي ، وأبي أحمد ابن عدي ، وأبي حاتم البستي ، وأبي الحسن الدار قطني.
وأمثال هؤلاء خلق كثير لا يحصى عددهم ، من أهل العلم بالرجال والجرح والتعديل ، وإن كان بعضهم أعلم من بعض ، وبعضهم أعدل من بعض في وزن