كلامه ، كما أنّ الناس في سائر العلوم كذلك » (١).
فإذا كان « يحيى بن معين » في هذه المرتبة من الجلالة والعظمة عند ابن تيميّة ، فلما ذا لا ينظر ابن تيميّة إلى تنصيص يحيى بن معين على صحة حديث مدينة العلم بعين الاعتبار؟ ولما ذا يقول ما لا يفعل؟ والله تعالى يقول : ( لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ).
وذكر ابن تيميّة « يحيى بن معين » في موضع آخر من كتابه في جماعة من أئمة أهل السنة ، وصفهم بـ « أئمة الحديث ونقّاده وحكّامه وحفّاظه ، الذين لهم خبرة ومعرفة تامة بأقوال النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وأحوال من نقل العلم والحديث عن النبي من الصحابة والتابعين وتابعيهم ، ومن بعد هؤلاء من نقلة العلم » وإليك نصّ عبارته كاملة لما فيها من الفوائد في هذا المقام :
« فإن قيل : فهذا الحديث قد ذكره طائفة من المفسّرين والمصنّفين في الفضائل ، كالثعلبي والبغوي وأمثالهما ، والمغازلي وأمثاله.
قيل له : مجرّد رواية هؤلاء لا توجب ثبوت الحديث باتّفاق أهل العلم بالحديث ، فإن في كتب هؤلاء من الأكاذيب الموضوعة ما اتّفق أهل العلم على أنه كذب ، والثعلبي وأمثاله لا يتعمّدون الكذب ، بل فيهم من الصلاح والدّين ما منعهم من ذلك ، لكن ينقلون ما وجدوه في الكتب ، ويدوّنون ما سمعوه ، وليس لأحدهم من الخبرة بالأسانيد ما لأئمة الحديث ، كشعبة ، ويحيى بن سعيد القطّان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ، وإسحاق بن راهويه ، ومحمّد بن يحيى الذهلي ، والبخاري ، ومسلم ، وأبي داود ، والنسائي ، وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين ، وأبي عبد الله بن مندة ، والدار قطني ، وعبد الغني بن سعيد ، وأمثال هؤلاء من أئمة الحديث ونقّاده ...
وقد صنّفوا الكتب الكثيرة في معرفة الرجال الذين نقلوا الآثار وأسمائهم ،
__________________
(١) منهاج السنة ٤ / ١٠.