به اهتديتم ، واختلاف أصحابي لكم رحمة.
فعلمنا أن ما يوجد منصوصا عليه في كتاب الله لا بدّ من الأخذ به ، والمخالف التارك للعمل به لا عذر له فهو زائغ ، ثم ما لم يوجد منصوصا عليه في الكتاب ووجد منصوصا عليه في السنّة وجب الأخذ به والمخالف مخطئ آثم ، ثم إن لم يوجد منصوصا عليه فيهما رأيناه قد أحالنا على الأخذ بقول المجتهدين من الصحابة رضي الله عنهم ، وصوّب الجميع حيث نصّ على أن الآخذ بقول أيّهم كان مهتديا ، ولا يكون التابع مهتديا إلاّ إذا كان المتبوع مهتديا بلا شبهة. وأشار بتشبيههم بالنجوم إلى تفاوت مراتبهم في العلم ، فإن النجوم وإن كانت مشتركة في أصل النور الذي يهتدى به في ظلمات البر والبحر ، لكنه لا خفاء في تفاوت مراتبها في النور والإشراق والإضاءة. وأشار بذلك أيضا إلى أنّ تفاوت مراتبهم في نور العلم لا يوجب خللا في الاهتداء بهم ، ولا أن الآخذ بقول أقلّهم علما غير مهتد ، كما لا يوجب تفاوت مراتب النجوم في النور أن يكون الآخذ بالأقل نورا غير مهتد.
يوضحه ما أخرجه السجزي في الابانة وابن عساكر عن عمر رضياللهعنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : سألت ربي تبارك وتعالى فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي ، فأوحى إليّ يا محمد : إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السّماء بعضها أضوء من بعض ، فمن أخذ شيئا مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى. انتهى. وما أحسن قول القائل :
من تلق منهم تقل
لاقيت سيّدهم |
|
مثل النجوم التي
يسري بها الساري |
وسيّدنا الامام علي وابناه رضي الله تعالى عنهم داخلون في الصّحابة كما لا يخفى. فعلمنا أنّ جميع الصّحابة مشتركون في أصل الاهتداء بهم مع تفاوت درجاتهم ».
وسابعها : كيف يتمكّن الأعور من إثبات العلم لكلّ الصحابة ، على وجه