(١٥)
مع ولي الله
في كلامه حول الحديث
وقال شاه ولي الله الدهلوي ما معرّبه : « لقد شاء الله تعالى أن ينتشر دينه في الآفاق بواسطة نبيّه ، وذلك ما كان يمكن إلاّ بسبب العلماء والقرّاء الذين أخذوا القرآن عنه صلّى الله عليه وسلّم ، فأجرى الله على لسانه صلّى الله عليه وسلّم فضائل جماعة من الصّحابة ترغيبا في أخذ العلم والقرآن منهم ، فكانت تلك الفضائل بمنزلة الإجازات المتداولة بين المحدّثين وتلامذتهم ، ليعرف الأقوال بالرجال من لا يمكنه معرفة الرجال بالأقوال ، وأنّ جميع علماء الصحابة مشتركون في هذه الفضائل كما يظهر من كتب الحديث ، ومن هذا الباب : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، وأقرؤكم أبي وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ » (١).
وهذا الكلام مخدوش بوجوه :
أحدها : إن انتشار دين الله تعالى ممكن بواسطة خليفة النبي المنصوص عليه من قبل الله ورسوله ، المعصوم والأفضل من جميع الخلائق ، بل تحقّق ذلك بواسطته أتمّ وأحسن من تحقّقه بواسطة العلماء وقرّاء القرآن من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والثاني : لو لم ينصب الخليفة المتّصف بالصفات المذكورة لأجل رواية القرآن عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا بدّ من بلوغ الرّواة عنه حدّ التواتر وإن لم يكونوا من العدول ، لا أن يكونوا رواة معدودين ... وإنّ الأفراد الذين ذكرهم ولي الله رواة للقرآن عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يبلغون حدّ التواتر كما هو واضح ... وقد نصّ على اشتراط بلوغ الحدّ المذكور ابن تيميّة الحرّاني ـ الذي
__________________
(١) قرة العينين : ١١٢.