من مفتي الصحابة ، والرجوع إلى المفتي من شأن المستفتين ، وإن رجوع عمر إليه كرجوع الأئمة وولاة العدل إلى علماء الأمة » (١).
وقال العجيلي : « ولم يكن يسأل منهم واحدا ، وكلّهم يسأله مسترشدا ، وما ذاك إلاّ لخمود نار السؤال تحت نور الاطّلاع » (٢).
إلى غير ذلك من كلماتهم الآتية في مبحث الأعلمية إن شاء الله تعالى.
وأمّا مكّة المكرّمة فقد عاش فيها عليه الصلاة والسلام منذ الولادة حتى الهجرة ، وقد أتاها بعد الاستيطان في المدينة المنوّرة مرّات عديدة ، فكيف يقال بعدم بلوغ العلم عنه إلى أهل مكة؟
على أنّ تلميذه الخاص به « عبد الله بن عباس » أقام في مكة زمنا طويلا يعلّمهم القرآن وينشر العلم ، قال الذهبي بترجمة ابن عباس : « الأعمش ، عن أبي وائل قال : استعمل علي ابن عباس على الحج ، فخطب يومئذ خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا. ثم قرأ عليهم سورة النّور ، فجعل يفسّرها » (٣).
وقال ابن سعد : « أخبرنا محمد بن عمر حدّثني واقد بن أبي ياسر عن طلحة ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه عن عائشة : إنها نظرت إلى ابن عباس ـ ومعه الخلق ليالي الحج ، وهو يسئل عن المناسك ـ فقالت : هو أعلم من بقي بالمناسك » (٤).
وقال أبو عمر ابن عبد البر : « روينا : أن عبد الله بن صفوان مرّ يوما بدار عبد الله بن عباس بمكة ، فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه ، ومرّ بدار عبيد الله بن
__________________
(١) إبطال الباطل لابن روزبهان الشيرازي ـ مخطوط.
(٢) ذخيرة المال ـ مخطوط.
(٣) تذكرة الحفّاظ ١ / ٣٨.
(٤) الطبقات الكبرى لابن سعد ٢ / ٣٦٩. وفيه « الحلق » بدل « الخلق ».