موضوعة ، كما لا يخفى على من راجع عبارته التي نقلناها عن كتابه ( مرآة المؤمنين ) في ردّ كلام ( الدهلوي ).
الرابع : إن هذه الزيادة واضحة البطلان من حيث المفاد والمعنى أيضا ، فإنّ « المحراب » بمعناه المعروف ليس ممّا يصح إضافته إلى « المدينة » ، بل لا يضاف إلاّ إلى « المسجد » ، نعم في ( القاموس ) : « والمحراب : الغرفة ، وصدر البيت ، وأكرم مواضعه ، ومقام الامام من المسجد ، والموضع يتفرّد به الملك فيتباعد عن الناس ، والأجمة ، وعنق الدابة ومحاريب بني إسرائيل مساجدهم التي كانوا يجلسون فيها » (١) ، فمن معانيه : « صدر البيت وأكرم مواضعه » فهو مخصوص « بالبيت » ، وكذا المعنى الآخر من معانيه وهو « الموضع يتفرّد به الملك فيتباعد عن الناس » ، ونسبته إلى « المدينة » غلط.
ثم لو التجأ بعض أهل العناد إلى القول بأنّ المراد من « محراب المدينة » هو « محراب مسجد المدينة » فالجواب ـ مضافا إلى أنّه تعسّف وتكلّف واضح ـ هو : إن إحداث المحاريب في المساجد ـ في رأي أهل السنّة ـ من جملة البدع المخترعة ، فإنّ مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن له محراب في زمان الخلفاء الأربعة ، بل لم يحدث إلاّ في أوائل القرن الثاني ... هذا مع نهي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أخبار أهل السنة وأحاديثهم ، وأنّه من أشراط الساعة ... فكيف ينسب « وأبو بكر محرابها » إلى النبي؟ وكيف يوافق أهل السنّة على تشبيه أبي بكر بشيء ينهى النبي عن إحداثه ويذمّه؟
ونحن في هذا المقام نكتفي بإيراد نصّ الرسالة التي صنّفها الحافظ السيوطي في هذه المسألة ، وإليك نسختها :
__________________
(١) القاموس المحيط ١ / ٥٣ « حرب ».