المتصوّفة ، بل يدلّ على الزهد والورع والكرم والإيثار ... هذا ، على أنّ هذا الحديث في ( جامع الترمذي ) مقدوح سندا ، فقد قال : « حدّثنا محمود بن خداش البغدادي : نا محمد بن يزيد الواسطي نا عاصم بن رجاء بن حياة عن قيس بن كثير قال : قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء وهو بدمشق فقال : ما أقدمك يا أخي؟ قال : حديث بلغني أنك تحدّثه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، قال : أما جئت لحاجة؟ قال : لا ، قال : فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، إن العلماء ورثة الأنبياء ، ان الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما ، إنما ورّثوا العلم ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظّ وافر.
ولا نعرف هذا الحديث إلا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة ، وليس إسناده عندي بمتصل. هكذا حدّثنا محمود بن خداش هذا الحديث ، وإنما يروى هذا الحديث عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس عن أبي الدرداء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وهذا أصح من حديث محمود بن خداش » (١).
فإن كلام الترمذي نفسه كاف لسقوط الحديث ، ونضيف إلى ذلك أنّ :
كثير بن قيس ـ راوي الحديث عن أبي الدرداء ـ ضعّفه الدار قطني وغيره ، قال الذهبي : « كثير بن قيس ، تابعي ، تقدّم في الدال تضعيف الدارقطني له » (٢). وقال ابن حجر : « كثير بن قيس الشامي ، ويقال قيس بن كثير ـ والأول أكثر ـ ضعيف ، من الثالثة ، ووهم ابن قانع فأورده في الصحابة » (٣). وقال الخزرجي :
__________________
(١) جامع الترمذي ٥ / ٤٦.
(٢) ميزان الاعتدال ٣ / ٤٠٩.
(٣) تقريب التهذيب ٢ / ١٣٢.