معنى الاهتداء بالنجوم. وظاهر الحديث إنما هو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصّحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجو في أقطار الأرض. فالله المستعان » (١).
وسادسها : إن حديث أصحابي كالنجوم لا يثبت العلم للصحابة على وجه المساواة كما يزعم الأعور ، بل هو ظاهر في اختلاف مراتب الأصحاب في العلم ، كما ذكر الشيخ علي القاري في كلامه الآتي نصّه فيما بعد إن شاء الله.
وقال إبراهيم بن الحسن الكردي الكوراني في كتابه ( النبراس ) : « إن الله تعالى ما أمرنا في كتابه إلاّ باتّباع النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) وقال : ( فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) وقال : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وقال : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) وقال للنبي صلّى الله عليه وسلّم : ( قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ).
فكان اتّباع النبي هو عين اتباع ما يوحى إليه من ربّه. ولذا قال : ( اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ) فاتّباع النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما جاء به من عند الله وإطاعته هو المأمور به.
فرجعنا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى ننظر ما ذا يأمرنا به وما ذا ينهانا عنه ، حتى نأخذ بالأول وننتهي عن الثاني ، فرأيناه يقول : مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه ، فإن لم يكن في كتاب الله فبسنّة منّي ماضية ، فإن لم تكن سنّة فما قال أصحابي ، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السّماء فأيّما أخذتم
__________________
(١) التلخيص الحبير ٤ / ١٩٠ ـ ١٩١.