أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما في رواية الترمذي ، قال : « حدّثنا الحسين بن محمد الجريري البلخي ، حدّثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي امامة بن سهل بن حنيف ، عن بعض أصحاب النبي : إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون عليّ وعليهم قمص ، منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ أسفل من ذلك ، فعرض عليّ عمر وعليه قميص يجرّه ، قالوا : فما أوّلته يا رسول الله؟ قال : الدّين » (١).
ولّما كان الزهري مشهورا بالتصرّف في الأسانيد ، كما سبق التنبيه عليه عن قريب في قوادحه ، ويلاحظه كل من راجع ترجمته في كتب الرجال ، فإنّ اضطرابه في خصوص هذا الحديث يوجب وهنه وهوانه عند أهل الإنصاف والإمعان.
ثم إنّ هذا الحديث يشتمل على أنّ عمر كان عليه قميص يجرّه ، لكنّ تطويل القميص وجرّه ممّا ثبت الوعيد عليه ، كما لا يخفى على من نظر في أحاديث كتاب اللباس من ( صحيح البخاري ) ، وكأنّ واضع هذا الحديث غفل عمّا يستتبع هذا الحديث من نسبة تقرير الفعل غير المشروع في الشريعة إلى صاحبها صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومن هنا قال بعض الشرّاح بأنّ جرّ القميص في اليقظة مذموم وفي المنام محمود ، لكن لا دليل لهم على ذلك ، والاستناد فيه إلى نفس هذا الحديث مصادرة ... قال ابن حجر والقسطلاني : « وهذا من أمثلة ما يحمد في المنام ويذمّ في اليقظة شرعا ، أعني جرّ القميص ، لما ثبت من الوعيد على تطويله » (٢).
وممّا يدلّ على بطلانه دلالة هو : إنّه ينافي مذهب أهل السنّة ، لأنّه يدلّ على أفضليّة عمر من أبي بكر ، فاضطرّ القوم إلى توجيهه وتأويله بنحو من الأنحاء ـ ولو
__________________
(١) صحيح الترمذي ٤ / ٤٦٧.
(٢) فتح الباري ١٢ / ٣٣٣ ، إرشاد الساري ١٠ / ١٤١.