وقال العيني : « مطابقته للترجمة من حيث أن فيه ذكر معاوية ، ولا يدل هذا على فضيلته. فإن قلت : قد ورد في فضيلته أحاديث كثيرة. قلت : نعم ، ولكن ليس فيها حديث يصح من طريق الإسناد ، نصّ عليه إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما ، ولذلك قال : باب ذكر معاوية ولم يقل فضيلة ولا منقبة » (١).
وقال ابن خلكان بترجمة النسائي : « قال محمد بن إسحاق الأصبهاني سمعت مشايخنا بمصر يقولون : إنّ أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره وخرج إلى دمشق ، فسئل عن معاوية وما روي من فضائله فقال : أما يرضى معاوية أن يخرج رأسا برأس حتى يفضل! وفي رواية أخرى : ما أعرف له فضيلة إلاّ لا أشبع الله بطنك » (٢).
وقال أبو الفداء بترجمته : « ثم عاد إلى دمشق فامتحن في معاوية وطلب منه أن يروي شيئا من فضائله فامتنع وقال : ما يرضى معاوية أن يكون رأسا برأس حتى يفضل! » (٣).
وقال أبو الحجاج المزي نقلا عن أبي بكر المأموني : « وقيل له وأنا حاضر : ألا تخرج فضائل معاوية؟ فقال : أي شيء أخرج! اللهم لا تشبع بطنه! وسكت وسكت السائل ». قال « قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : سمعت علي بن عمر يقول : كان أبو عبد الرحمن أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار ، وأعلمهم بالرجال. فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه ، فخرج إلى الرملة فسئل عن فضائل معاوية ، فأمسك عنه ، فضربوه في الجامع فقال : أخرجوني إلى مكة ، فأخرجوه إلى مكة وهو عليل وتوفي بها مقتولا شهيدا. قال الحاكم أبو عبد الله : ومع ما جمع أبو عبد الرحمن من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره ، فحدّثني محمد بن إسحاق الأصبهاني قال : سمعت مسائخنا بمصر
__________________
(١) عمدة القاري ١٦ / ٢٤٨.
(٢) وفيات الأعيان ١ / ٥٩.
(٣) المختصر في أخبار البشر حوادث : ٣٠٣.