أحدا حلف على صحّة أحاديثه بالطلاق لم يحنث ، بل زعموا اتّفاق أهل الشرق والغرب على صحّة أحاديث الكتب الستة ومنها كتاب الترمذي ... وقد ذكرنا ذلك مفصّلا في مجلّد حديث الطير.
فحديث مدينة العلم ـ المخرّج عند الترمذي باعتراف ابن تيميّة ـ لا يحنث من حلف على صحته بالطلاق ، ويكون من الأحاديث المجمع على صحتها بين أهل الشرق والغرب ، فمن طعن فيه فهو خارج عن دائرة الإجماع كما قرّروا ، وتكون عاقبته النار وبئس المصير.
هذا كلّه من جهة ، ومن جهة أخرى فإنّ من يلاحظ كلمات ابن تيميّة نفسه في حقّ الترمذي ، واعتماده على رواياته في مواضع عديدة من بحوثه ، يتّضح له شناعة ردّه لحديث مدينة العلم مع اعترافه برواية الترمذي له ، فمن ذلك : عدّه الترمذي في نقدة الحديث وحكّامه وحفّاظه ... وأنّه ليس كالثعلبي وأمثاله ، الذين يروون الأحاديث الموضوعة ، ويدوّنون كلّ ما سمعوه في كتبهم ... وقد تقدّم نصّ كلامه في ذلك قريبا.
وإذا كان هذا شأن الترمذي فإنّ العاقل لا يجوّز الطعن في حديث مدينة العلم ـ الذي اعترف ابن تيميّة رواية الترمذي له ـ ، إذ لو صحّ الطّعن فيه لزم اشتمال كتاب الترمذي على الموضوعات كذلك ، فلا يبقى فرق بينه وبين الثعلبي وغيره ، وهذا ممّا لا يرتضيه ابن تيميّة ، فلا مناص لابن تيميّة من التسليم بصحة حديث مدينة العلم شاء أو أبى.
ومن ذلك قوله :
« قال الرافضي : الثاني ما رووه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. والجواب : المنع من الرواية ، ومن دلالته على الإمامة ، فإن الاقتداء بالفقهاء لا يستلزم كونهم أئمة. وأيضا : فإن أبا بكر