يكثر فيها الفتوح التي هي أعظم الأسباب في الاختلاف ، ومع ذلك فساس عمر فيها مع طول مدّته الناس ، بحيث لم يخالفه أحد ، ثم ازدادت اتّساعا في خلافة عثمان ، فانتشرت الأقوال واختلفت الآراء ، ولم يتفق له ما اتفق لعمر من طواعية الخلق له ، فنشأت من ثم الفتن إلى أن أفضى الأمر إلى قتله ، واستخلف علي فما ازداد الأمر إلاّ اختلافا والفتن إلاّ انتشارا » (١).
وقال في كتاب التعبير : « وأمّا إعطاؤه فضله عمر ففيه إشارة إلى ما حصل لعمر من العلم بالله ، بحيث كان لا يأخذه في الله لومة لائم ... » (٢).
وكذا قال غيره من شراح البخاري كالعيني والقسطلاني فراجع.
ولا تجد أحدا منهم يجرأ على القول بتساوي النبي وعمر في العلم ، استنادا إلى هذا الحديث المصنوع الموضوع ...
والخامس : إنّ حديث القميص الذي ذكره ولي الله ، في مقابلة حديث مدينة العلم ، من أضغاث أحلام أسلاف السنّية ، وليس له ذكر في أخبار الشيعة الاماميّة ، بخلاف حديث مدينة العلم المتفق عليه بين الفريقين ، وهذا كاف لبطلان كلام ولي الله.
على أنّه حديث مقدوح سندا كحديث اللّبن ، فإن مدار عمدة أسانيده ـ وهي أسانيد البخاري ـ على « ابن شهاب الزهري » الذي عرفت حاله عن قريب ، وإن شئت التأكّد ممّا ذكرناه فانظر إلى سنده في ( صحيح البخاري ) :
« حدثنا محمد بن عبيد الله قال : حدّثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون عليّ وعليهم قمص ، منها
__________________
(١) المصدر نفسه ٧ / ٣٥.
(٢) المصدر نفسه ١٢ / ٣٣٢.