وأما أهل الشام فأعلمهم وأفقههم أبو الدرداء ، وهو أخذ من عبد الله بن مسعود ، وابن مسعود من تلامذة أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال الذهبي بترجمة أبي الدرداء : « وكان عالم أهل الشام ، ومقرئ أهل دمشق ، وفقيههم وقاضيهم » (١).
وقال الموفّق بن أحمد المكي : « عن أبي الدرداء رضياللهعنه : العلماء ثلاثة ، رجل بالشام ـ يعني نفسه ـ ، ورجل بالكوفة ـ يعني عبد الله بن مسعود ـ ، ورجل بالمدينة ـ يعني عليا. فالذي بالشام يسأل الذي بالكوفة ، والذي بالكوفة يسأل الذين بالمدينة ، والذي بالمدينة لا يسأل أحدا » (٢).
وقال محبّ الدّين الطبري : « عن أبي الزعراء عن عبد الله قال : علماء الأرض ثلاثة ، عالم بالشام ، وعالم بالحجاز ، وعالم بالعراق ، فأمّا عالم أهل الشام فهو أبو الدرداء ، وأمّا عالم أهل الحجاز فعلي بن أبي طالب ، وأما عالم أهل العراق فأخ لكم ، وعالم أهل الشام وعالم أهل العراق يحتاجان إلى عالم أهل الحجاز ، وعالم أهل الحجاز لا يحتاج إليهما. أخرجه الحضرمي » (٣).
هذا ، بالإضافة إلى رجوع معاوية ـ وهو حاكم أهل الشام ـ إلى أمير المؤمنين في المعضلات بكثرة ، كما ستطلّع على تفاصيل ذلك فيما بعد ، إن شاء الله ، في مبحث الأعلميّة.
وأما البصرة فورود الامام عليهالسلام إليها بنفسه ، وكثرة خطبه وإرشاداته ومواعظه فيها غير مخفي على أحد ، وإن شئت تفاصيل ذلك فارجع إلى التواريخ ،
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٢٤.
(٢) مناقب أمير المؤمنين : ٥٥.
(٣) الرياض النضرة ٢ / ١٩٩.