الإمامية غير مبال بما يترتّب على أباطيله.
إنّ هذا الذي ذكره ابن تيميّة في جحد حديث مدينة العلم يمهّد الطّريق للكفّار لأن يقولوا : إنّه إذا كان الله عالما بشرائع الدين والأحكام التكليفية للعباد ، ولم يبلّغها من جانبه في كلّ عصر إلاّ واحد ، لفسد أمر الدين وبطلت الشرائع ، لأن التبليغ عن الله في كلّ عصر يلزم أن يكون بواسطة عدد كثير من الأنبياء يبلغون إلى حدّ التّواتر.
وهذا النقض كاف للرد على ما ذكره ابن تيميّة ، لأنّ كلّما أجيب به عنه فهو جوابنا على كلامه الباطل.
وأيضا : كما أنّ نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم بوحده كاف للإبلاغ عن الله عزّ وجلّ ، وأنّه لثبوت حقّيّته غير محتاج إلى أن يشاركه في الإخبار عن الله غيره ، كذلك يكفي في الإبلاغ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجود سيّدنا أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولا حاجة إلى أن يشاركه أحد في الإبلاغ كائنا من كان ، للقطع بحقّيّة ما يبلّغه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. وإنّ حديث مدينة العلم ـ بالإضافة إلى غيره من الأدلة ـ شاهد صدق على ذلك. ومن هنا جعل أهل العلم واليقين حديث مدينة العلم من أدلة عصمة أمير المؤمنين ، وقد مرّ التصريح بذلك من نصوص أعاظم المخالفين.
والحاصل : كما لا يضر توحّد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في إبلاغه ، بعد ثبوت حقّيّته ، كذلك لا يضرّ توحّد الإمام في تبليغه عن النبي ، بعد ثبوت حقّيّته بالأدلة الكثيرة ومنها حديث مدينة العلم.
وأمّا قول ابن تيميّة : « ولهذا اتفق المسلمون على أنّه لا يجوز أن يكون المبلّغ عنه العلم واحدا ، بل يجب أن يكون المبلّغون أهل التواتر ، الذين يحصل العلم بخبرهم » فظاهر السقوط جدّا ، لمنافاته لتصريحات أئمة علم أصول الفقه وعلوم