قال أبو محمد : ولو أننا نستجيز التدليس ـ والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحا أو أبلسوا أسفا ـ لاحتججنا بما روي : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. قال أبو محمد : ولكنه لم يصح ، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح » (١).
والثالث : إنّ حديث اللبن الذي ذكره ولي الله أيضا ، مقدوح كذلك سندا ، لأنّ عمدة أسانيده في البخاري ، ومدارها جميعا على ( ابن عمر ) و ( حمزة بن عبد الله ) و ( ابن شهاب الزهري ) ، وهؤلاء كلّهم مقدوحون مجروحون ... ولنذكر أولا الحديث عن البخاري ، فنقول :
أخرج في صحيحه : « باب فضل العلم : حدثنا سعيد بن عفير قال : حدّثني الليث قال : حدثني عقيل عن ابن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر : أن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى أني لأرى الريّ يخرج من أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر ابن الخطاب. قالوا فما أوّلته يا رسول الله؟ قال : العلم » (٢).
« حدّثني محمد بن الصلت أبو جعفر الكوفي ، حدّثنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري أخبرني حمزة عن أبيه : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال بينا أنا نائم شربت ـ يعني اللبن ـ حتى أنظر إلى الرّي يجري في ظفري ، أو في أظفاري. ثم ناولت عمر قالوا : فما أوّلته يا رسول الله؟ قال : العلم » (٣).
« باب اللبن : حدّثنا عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا يونس عن الزهري ، أخبرني حمزة بن عبد الله : أن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه
__________________
(١) الفصل في الملل والنحل ٤ / ٨٨.
(٢) صحيح البخاري ـ كتاب العلم ١ / ١٠٦.
(٣) صحيح البخاري ـ كتاب الفضائل ، مناقب عمر ٥ / ٧٠.