(١٠)
مع ابن حجر المكي
في كلامه حول الحديث
وقال ابن حجر المكي في مبحث أعلمية أبي بكر بزعمه : « لا يقال : بل علي أعلم منه للخبر الآتي في فضائله : أنا مدينة العلم وعلي بابها. لأنا نقول : سيأتي أن ذلك الحديث مطعون فيه ، وعلى تسليم صحّته أو حسنه فأبو بكر محرابها ، ورواية : فمن أراد العلم فليأت الباب لا تقتضي الأعلمية ، فقد يكون غير الأعلم يقصد لما عنده من زيادة الإيضاح والبيان والتفرغّ للناس ، بخلاف الأعلم. على أنّ تلك الرواية معارضة بخبر الفردوس : أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها.
فهذه صريحة في أنّ أبا بكر أعلمهم ، وحينئذ فالأمر بقصد الباب إنما هو لنحو ما قلناه ، لا لزيادة شرفه على ما قبله ، لما هو معلوم ضرورة أن كلا من الأساس والحيطان والسقف أعلى من الباب. وشذّ بعضهم فأجاب بأنّ معنى : وعلي بابها. أي من العلو ، على حدّ قراءة : هذا صراط علي مستقيم ، برفع علي وتنويه ، كما قرأ به يعقوب » (١).
أقول : إنّ حديث مدينة العلم يدل على أعلميّة الامام أمير المؤمنين عليهالسلام كما سبق تقريره منّا ، فهو أعلم الخلائق بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتّى الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين ، فهذه دلالة حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ، وقد شهدت بذلك كلمات كثير من أعلام أهل السنّة ، وكان منها عبارات ابن حجر المكي نفسه في كتابه ( المنح المكية ) ، فمن الغريب بعدئذ دعواه في
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٢٠.