الأعلميّة له.
ثم إذا كان الأمر كما ذكر الدهلوي ، فلما ذا نهى عمر ابن مسعود من نشر علمه وحال دون أخذ الأمّة منه؟! ... فقد ذكر الدهلوي نفسه : « عن محمد بن سيرين قال قال عمر لابن مسعود : ألم أنبأ ـ أو أنبئت ـ أنك تفتي ولست بأمير ، ولّ حارّها من تولى قارّها ـ أخرجه الدارمي » (١).
ولما ذا فعل به عثمان ما فعل ممّا طفحت به الكتب والأسفار؟!
وأيضا : لما ذا اشتد عمر على أبيّ بن كعب وأغلظ له وأساء إليه في مواضع كثيرة :
منها : في قوله تعالى : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ ) قال الحاكم : « حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد ، ثنا محمد بن شعيب بن شابور ثنا عبد الله بن العلاء بن زبر عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس عن أبيّ بن كعب : إنه كان يقرأ : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ ) ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ ). فبلغ ذلك عمر فاشتدّ عليه ، فبعث إليه وهو يهنا ناقة له ، فدخل عليه فدعا ناسا من أصحابه فيهم زيد بن ثابت فقال : من يقرأ منكم سورة الفتح؟ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم ، فغلظ له عمر فقال له أبيّ : أتكلم فقال : تكلّم. فقال : لقد علمت أني كنت أدخل على النبي صلّى الله عليه وسلّم ويقرئني وأنتم بالباب ، فإن أحببت أن أقرئ الناس على ما أقرأني وإلاّ لم أقرأ حرفا ما حييت. قال له : بل أقرئ الناس. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » (٢).
__________________
(١) قرة العينين : ١٨٨.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٢ / ٢٢٥.