بشيء إلاّ وهو أو أصله في القرآن قرب أو بعد. وقال آخر : ما من شيء في العالم إلاّ وهو فيه ، فقيل له : أين ذكر الخانات فيه؟ فقال : في قوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ) فهي الخانات. وقال آخر : ما من شيء إلاّ ويمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله تعالى حتى أن عمر النبي صلّى الله عليه وسلّم ثلاث وستّون سنة استنبط من آخر سورة المنافقين ، لأنها رأس ثلاث وستين سورة وعقبها بالتغابن لظهوره بفقده صلّى الله عليه وسلّم. قال آخر : لم يحط بالقرآن إلاّ المتكلّم به ، ثم نبيّه صلّى الله عليه وسلّم ، فيما عدا ما استأثر الله تعالى بعلمه.
ثم ورث عنه معظم ذلك أعلام الصحابة مع تفاوتهم فيه بحسب تفاوت علومهم ، كأبي بكر ، فإنه أعلمهم بنص ابن عمر وغيره ، وكعلي كرّم الله وجهه لقوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الحسن خلافا لمن زعم وضعه : أنا مدينة العلم وعلي بابها. ومن ثمّ قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : جميع ما أبرزته لكم من التفسير فإنما هو عن علي كرم الله وجهه. وكابن عباس حتى أنه قال : لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى. ثم ورث عنه التابعون معظم ذلك ، ثم تقاصرت الهمم عن حمل ما حمله أولئك من علومه وفنونه ، فنوّعوا علومه أنواعا ليضبط كل طائفة علما وفنّا ويتوسّعوا فيه بحسب مقدرتهم ، ثم أفرد غالب تلك العلوم وتلك الفنون التي كادت أن تخرج عن الحصر وقد بيّن هذا القائل وجه استنباط غالبها منه بتآليف لا تحصى ».
فبطل قوله : « إن الحديث مطعون » بكلام نفسه.
وأمّا دعواه أنّ أبا بكر أعلمهم بنص ابن عمر وغيره ، فمن غرائب الكلام ، إذ كيف يدّعى أعلمية من جهل « الكلالة » و« الأب »؟ ونصّ ابن عمر ـ إن صّح ـ لا ينفع في مثل المقام ، إذ الاستشهاد به فيه من قبيل استشهاد ابن آوى بذنبه ، بل هو أوضح شناعة منه ، لكثرة ما اشتهر من الجهل عن ابن عمر.
أمّا نصّ غيره على ذلك ، فدعوى كاذبة ، ومن ادّعى فعليه البيان ، وعلينا