الخطاب قد تعلّم سورة البقرة وحدها في اثني عشرة سنة كما في ( الدر المنثور ) (١) وغيره؟.
الثاني : كيف يدعي ابن تيميّة تعلّم أهل الكوفة القرآن والسنة عن عمر بن الخطاب ، مع ما ثبت واشتهر من جهل عمر بألفاظ القرآن ومعانيه ، ومجانبته للسنّة الشريفة ومعالمها؟ فإن أراد تعلّمهم القرآن والسنة من أتباعه وأشياعه فهم أدنى مرتبة وأقلّ شأنا من إمامهم.
الثالث : إنّ الذي ورد الكوفة من قبل عمر بن الخطاب هو عمار بن ياسر يصحبه عبد الله بن مسعود ، فإن أراد ابن تيميّة تعلّم أهل الكوفة من هذين الرجلين فذاك يضرّه ولا ينفعه ، فإن هذين الصحابيّين الجليلين ـ وإن كان المرسل لهما إلى الكوفة هو عمر بن الخطّاب ـ من أشهر وأفضل تلامذة أمير المؤمنين عليهالسلام والآخذين عنه ، فثبت أنّ أهل الكوفة قد تعلّموا القرآن والسنّة وأخذوهما عن باب مدينة العلم وهو علي ، والحمد لله على ظهور الحق. وإليك بعض الشواهد على ما ذكرناه :
قال ابن سعد : « أخبرنا عفان بن مسلم وموسى بن إسماعيل قالا : نا وهيب عن داود عن عامر : إن مهاجر عبد الله بن مسعود كان بحمص ، فحدره عمر إلى الكوفة وكتب إليهم : إني ـ والله الذي لا إله إلاّ هو ـ آثرتكم به على نفسي فخذوا منه » (٢).
وقال ابن سعد : « أخبرنا وكيع بن الجراح عن سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال : قرئ علينا كتاب عمر بن الخطاب أمّا بعد : فإني بعثت إليكم عمّار بن ياسر أميرا وابن مسعود معلّما ووزيرا ، وقد جعلت ابن مسعود على بيت مالكم ، وإنهما لمن النجباء من أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم ، من أهل بدر ، فاسمعوا لهما وأطيعوا واقتدوا بهما ، وقد آثرتكم بابن أم عبد على نفسي ،
__________________
(١) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ١ / ٢١.
(٢) طبقات ابن سعد ٣ / ١٥٧.