وبالجملة ، فإنّ هذا الرجل يدّعي وهن إستخلاف النبي أمير المؤمنين عليهالسلام ، ويريد إثبات دعواه هذه بأباطيل وأكاذيب ، وهو في الوقت ذاته يناقض نفسه ويقول بأنّ ما قاله الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم له ينفي هذا التوهّم ويبطل هذه الدعوى ... ففي كلماته تناقض واضح ... ولكنْ لماذا هذا الإنهماك في تأييد إرجاف المنافقين بمولانا أمير المؤمنين وتقوية أكاذيبهم ، ثم التناقض مرة بعد اخرى؟
إنّه يقول : « فبيّن له النبي صلّى الله عليه وسلّم ... ولا تخوينه ».
ثم يعود فيقول : « وذلك لأن المستخلف ... ». وظاهر أنَّ هذا الكلام ليس توضيحاً وبياناً للكلام السابق عليه وهو « فبيّن ... » ، إذ لا مناسبة بين هذا الكلام وبين « وإنّما استخلفتك لأمانتك عندي » و « الإستخلاف ليس بنقصٍ ولا غض » و « الإستخلاف يقتضي كرامة المستخلف وأمانته لا يقتضي إهانته وتخوينه » ...
فالمشار إليه بقوله : « وذلك ... » إمّا ما ذكره من قبل من « أنّ هذا الإستخلاف أضعف ... » وإمّا إرجاف المنافقين وطعنهم في أمير المؤمنين.
فظهر أنّ ابن تيمية قد أغرق نزعاً في إثبات مزعوم المنافقين وتأييده بأن « الملوك وغيرهم إذا خرجوا في مغازيهم أخذوا معهم من يعظم انتفاعهم به ومعاونته لهم ويحتاجون إلى مشاورته ... ».
ثم أبطل كل هذا الذي نسجه بقوله : « فكان قول النبي ... ».
ثم عاد فقال : « ولم يكن هذا الإستخلاف كاستخلاف هارون ... » فأيّد طعن الطاعنين في استخلافه عليهالسلام ... وردَّ على قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بصراحة ...