والكلاميّين ، والمؤرخين ... يظهر سقوط مكابرة الرّازي في ( نهاية العقول ) ومن تبعه في هذا المقام ... وهذه عبارته :
« إنْ سلّمنا دلالة الحديث على العموم. ولكن لا نسلم أنّ من منازل هارون كونه قائماً مقام موسى عليهالسلام لو عاش بعد وفاته.
قوله : إنه كان خليفةً له حال حياته ، فوجب بقاء تلك الحالة بعد موته.
قلنا : لا نسلّم كونه خليفةً له.
أما قوله تعالى : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) قلنا : لِمَ لا يجوز أنْ يقال : إن ذلك كان على طريق الإستظهار ، كما قال : ( وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ). لأن هارون كان شريك موسى في النبوة ، فلو لم يستخلفه موسى لكان هو لا محالة يقوم بأمر الامة ، وهذا لا يكون استخلافاً على التحقيق ، لأنّ قيامه بذلك إنما كان لكونه نبيّاً » (١).
وأيضاً ، فإنّ هذا الكلام أبطله الرازي نفسه في ( تفسيره ) حيث فسّر( اخْلُفْنِي ) بـ « كن خليفتي ». وأبطل توهم منافاة النبوة للخلافة كذلك.
وقال عبد الرحمن بن أحمد الجامي في إثبات خلافة هارون عليهالسلام :
« فصّ ، حكمة إمامية في كلمة هارونية : إعلم أن الإمامة المذكورة في هذا الموضع اسم من أسماء الخلافة ، وهي تنقسم إلى إمامة بلا واسطة بينها وبين حضرة الالوهيّة ، وإلى إمامة ثابتة بالواسطة. والتعبير عن الإمامة الخالية عن الواسطة ، مثل قوله تعالى للخليل عليهالسلام : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) والإمامة التي بالواسطة مثل استخلاف موسى هارون عليهالسلام على قومه ،
__________________
(١) نهاية العقول ـ مخلوط.