فظهر من كلام ابن تيمية أيضاً : عدم تقيّد استخلاف أمير المؤمنين عليهالسلام عنده ، وأنه ـ والقاري ـ على أنّ انقطاع الإستخلاف المطلق عين العزل ، والعزل إهانة بلا ريب ... ولا يجترء على عزوه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام إلاّناصب حنق ...
فثبت أنّ خلافته عليهالسلام ـ كخلافة هارون ـ مستمرة غير منقطعة ، لأن انقطاعها يستلزم العزل ، والعزل إهانة ، ولا يجوّز أحد من أهل الإسلام إهانة الأمير عليهالسلام.
والحاصل : إنّه لا مناص لأهل السنة ـ بعد تصريح ابن تيميّة والقاري بالعزل كما سمعت ـ من أحد أمرين ، إمّا الإعتراف ببطلان تقييد الإستخلاف ، وإمّا إطلاق العزل على انقطاع هذا الإستخلاف غير المقيد ، ورفع اليد عن دعوى مخالفة هذا الإطلاق للعرف واللغة ... وعلى كل حال ، يثبت ما تقوله الإمامية من أن دعوى انقطاع خلافة الأمير عليهالسلام تستلزم الإهانة ، وإذ لا يقدم مسلمٌ على تجويزها أبداً ... فخلافته غير منقطعة ، وهو المطلوب.
ثم قال ابن تيميّة ـ بعد عبارته السابقة ـ : « ولم يعلموا أنّ علياً بعد ذلك أرسله النبي صلّى الله عليه وسلّم سنة تسع مع أبي بكر لنبذ العهود ، وأمّر عليه أبا بكر ، ثم بعد رجوعه مع أبي بكر أرسله إلى اليمن كما أرسل معاذاً وأبا موسى ، ثم لما حجّ النبي صلّى الله عليه وسلّم حجة الوداع استخلف على المدينة غير علي ، ووافاه علي بمكة ، ونحر النبي صلّى الله عليه وسلّم مائة بدنة ، نحر بيده ثلثيها ونحر علي ثلثها ، وهذا كلّه معلوم عند أهل العلم متفق عليه بينهم ، وتواترت به الأخبار كأنّك تراه بعينك ، ومن لم يكن له عناية بأحوال الرسول صلّى الله عليه