أقول :
إنّه ـ وإنْ ادّعى تقيّد اطلاق الإستخلاف ـ استحيى من دعوى عزل أمير المؤمنين عليهالسلام ، فعبّر بانقطاع الإستخلاف ، وصرّح بأنّ التعبير بالعزل إهانة ...
لكن ابن تيمية والقاري ـ وهما من أساطين علماء القوم ـ عبّرا بالعزل بلا خجل ، بعد وصف خلافته بالجزئية!! فيقول القاري : « إنَّ الخلافة الجزئية في حياته لا تدل على الخلافة الكليّة بعد مماته ، لاسيّما وقد عزل عن تلك الخلافة برجوعه » (١).
إنْ هذا إلاّكذب على الله ورسوله!!
وكأنّه محاولة لشفاء غيظهم من عزل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا بكر عن تبليغ سورة البراءة ، فإنّ هذا العزل ـ الثابت بأحايثهم المتكاثرة ـ ممّا أحرق قلوب القوم وأقرح جفونهم ... لكنّها محاولة يائسة ...
ويقول ابن تيمية بجواب العلاّمة الحلي : « قوله : لأنه لم يعزله عن المدينة. قلنا : هذا باطل ، فإنه لمّا رجع النبي صلّى الله عليه وسلّم انعزل علي بنفس رجوعه ، كما كان غيره ينعزل إذا رجع ، وقد أرسله بعد هذا إلى اليمن حتى وافاه بالموسم في حجة الوداع ، واستخلف على المدينة في حجة الوداع غيره ، أفترى النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها مقيماً وعلي باليمن وهو خليفة بالمدينة. ولا ريب أنّ كلام هؤلاء كلام جاهل بأحوال النبي صلّى الله عليه وسلّم ، كأنّهم ظنّوا أن عليّاً ما زال خليفةً على المدينة حتى مات النبي صلّى الله عليه وسلّم ... » (٢).
__________________
(١) المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٤.
(٢) منهاج السنة ٧ / ٣٥١.