فالحمد لله الذي وفّقنا لبيان بطلان دعواهم على أساس القواعد المقرّرة في الكتب العلميّة ، وعلى لسان كبار أئمتهم في الاصول وعلوم العربيّة ... وظهر أن الإستثناء في الحديث الشريف متّصل ، وأنّه لا بدّ من أن يكون متّصلاً ، وأنّه لا يصحّ حمله على الإنقطاع ، لوجوب حمل الإستثناء دائماً على الإتصال ما أمكن ، ولعدم وجود شرط الإستثناء المنقطع في هذا الحديث ...
فإن كان هناك ريب ممّا ذكرنا في قلوب أهل الزّيغ ، فإنّا نثبت اتصال هذا الإستثناء من كلام الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه ... ليتّضح أنّ حمل « إلاّ أنّه لا نبي بعدي » على « عدم النبوة » دون « إلاّ النبوة » ردّ صريح على من لا ينطق عن الهوى إنْ هو إلاّوحي يوحى!! فإليك ذلك :
قال ابن كثير : « قال أحمد : ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، ثنا سليمان بن بلال ، ثنا الجعيد بن عبد الرحمن ، عن عائشة بنت سعد ، عن أبيها : أن عليّاً خرج إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ، حتى جاء ثنيّة الوداع وعلي يبكي يقول : تخلّفني مع الخوالف؟! فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوة.
إسناده صحيح ولم يخرجوه » (١).
وقال سبط ابن الجوزي : « وقد أخرج الإمام أحمد هذا الحديث في كتاب الفضائل الذي صنّفه لأمير المؤمنين :
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود البزار ، قال : أنبأ أبو الفضل محمد ابن ناصر السّلمي ، أنبأ أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي ، أنبأ أبو
__________________
(١) البداية والنهاية ٧ / ٣٤١.