وقال نجم الائمة رضي الدين الإسترابادي : « وقد يجري لفظة أبى وما تصرّف منها مجرى النفي. قال تعالى : ( فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً ) ( وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ) والمفرغ لا يجري في الموجب إلاّناراً. فعلى هذا يجوز نحو : أبى القوم أنْ يأتوني إلاّزيد. إذ حيث يجوز المفرغ يجوز الإبدال ، وتأويل النفي في غير الألفاظ المذكورة نادر كما جاء في الشواذ : فشربوا منه إلاّقليل ، أي لم يطيعوه إلاّ قليل » (١).
وقال في :
« انيخت فألقت بلدةً فوق بلدة |
|
قليل بها
الأصوات إلاّبغامها » |
« يجوز في البيت أنْ يكون الإستثناء وما بعدها بدلاً من الأصوات ، لأنّ في قليل معنى النفي كما ذكرنا » (٢).
وبعد ملاحظة هذه التصريحات وأمثالها ، لا يستبعد العاقل الفاضل جواز حمل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « إلاّ أنّه لا نبي بعدي » على « إلاّ النبوة » ... لأن تلك العبارات صريحة في أنّ الحمل على المعنى من الأساليب اللطيفة الشائعة في كلام العرب.
وبغض النّظر عن ذلك ، فإنّه لا يخفى على مهرة كلام العرب وحذاق فنون العربية عدم جواز الإستثناء المنقطع في هذا المقام أصلاً ... إذ بناءً عليه يكون « إلاّ أنّه لا نبي بعدي » بمعنى « إلاّ عدم النبوة » فيكون تقدير الحديث « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّعدم النبوة » ... ومن المعلوم أنْ لا مخالفة لعدم النبوة
__________________
(١) شرح الكافية في النحو ١ / ٢٣٢.
(٢) شرح الكافية في النحو ١ / ٢٤٧.